هدى المفتي تكشف أسرار النجاح وشعور العيش تحت الأضواء
اقرؤوا حوارنا الخاص مع الممثلة المتألقة هدى المفتي على غلاف هاربرز بازار العربية
لطالما احتفظ الإنسان بأسرارٍ خاصة لنفسه. ولكن نجمتنا هدى المفتي قررت اليوم الابتعاد عن المألوف ومشاركة القرّاء بعضاً من مشاعرها الداخلية وأفكارها حول العديد من القضايا.
فاجأتني الفنانة المصرية الصاعدة عندما دخلت إلى غرفتها لتخرج وهي تحمل لوحة زيتية قامت برسمها شخصياً بعنوان الرجل الذي غيّر حياتي. كانت اللوحة عبارة عن رجل مجهول يرتدي كنزة بقبعة، وفي الخلفية تظهر مساحة غنية بلون بني فاتح مع تفاصيل تعكس ضربات ريشة هدى.
وتؤكّد هدى المفتي بأن اختيارها لعنوان اللوحة يعبّر تماماً عن محتواها: “صادفت هذا الرجل المتسوّل عندما كان عمري 13 سنة عندها، نظر في عينيّ مباشرةً وقال لي بلغة العارف بكل الأمور أن عالم الشهرة هو ما ينتظرني. حاولت بعدها أن أبحث عنه مراراً، ولكنني لم أجده”. لقد بدت هذه القصة مؤثرة تماماً، فرؤية ذلك المتسول المجهول تحققت بالفعل.

فستان من علامة ميسكيورنتس بسعر 3,595 درهم إماراتي
جرى حواري مع نجمتنا هدى المفتي وهي تجلس متخذةً إحدى وضعيات التأمل في غرفة شقتها وسط القاهرة. وكانت تتألق بإطلالة طبيعية بعيداً عن مستحضرات التجميل، تتناول بين الحين والآخر قطعاً من الجزر. وكان من الطبيعي بالنسبة لهدى أن تعبق النسمات القادمة من النافذة برائحة القرفة والفلفل، باعتبارها تُعدّ من المكونات الأساسية للمطبخ في العاصمة المصرية. “كان لأمي حديقةً رائعةً تزرع فيها كل البذور من الطماطم إلى البطاطس”؛ هذا ما قالته وهي تصف أجواء الدفء والمحبة ورائحة الطعام ومشهد النباتات في المنزل الذي نشأت فيه. أمّا شقيقتها الكبرى، ضحى، فتمثّل بالنسبة لها الصديقة المقرّبة التي تحفظ أسرارها، حيث تطوّرت بينهما علاقة مميزة رغم الاختلاف الواضح بين طباع واهتمامات وطموحات كل منهما. وتؤكّد المفتي بأن شقيقتها تفهمها جيداً وتستوعب جميع تصرفاتها وأفكارها، لذلك فهي لا تخفي عنها أي شيء.

“يمتلك المشاهير قدرة التأثير على الجماهير، وأحاول استغلال هذه الميزة لتسليط الضوء على المهمّشين”
نشأت هدى المفتي لتسير في درب الشهرة وتتحول إلى نجمة سينمائية، وهذا ما يثبته أرشيف حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تُظهر تعاونها مع كبرى العلامات مثل ديور، وتواجدها في أبرز الوجهات العالمية مثل مشاركتها في حملة في فندق Eden Roc على شاطئ الريفيرا الفرنسية. ويمكن القول بأن بداية الفنانة مع عالم الشهرة جاءت مع أول ظهور لها على شاشات السينما والتلفاز عام 2017، والذي شهد حضوراً قوياً للنجمة الصاعدة سواء في برنامج هذا المساء ضمن الموسم الرمضاني أو بعد أدائها المميز في العديد من الأفلام خلال ذلك العام.

ترى هدى بأن التأقلم مع حياتها الجديدة تحت أعين المتابعين لم يكن سهلاً بالنسبة لها: “يرسم الناس دائماً انطباعات مغلوطة عن شخصية الفنان بناءً على الصور التي يشاركها على منصات التواصل الاجتماعي أو الأدوار التي يؤديها خلف الكاميرا. ولكن شخصيتي الحقيقية ليست كما يتصورها المتابعون، فهي أكثر تعقيداً من أن أدركها أنا بنفسي، فأنا أسعى دائماً لاكتشاف شخصيتي وأسلوب حياتي والأمور التي أحبها. وهذا ما يجعل الشهرة في بعض الأحيان أمراً متعباً. فأنا أحتاج في بعض الأوقات إلى الاستمتاع بالخصوصية، كأن أتجول في الشارع مثل عامة الناس، ولكن تلك التجارب البسيطة تشكّل رفاهيةً بعيدة المنال بالنسبة لي، فالمتابعون يتعرّفون عليّ أينما ذهبت حتى وأنا أرتدي الكمامة”.
ولكن تبقى للشهرة جوانبها الإيجابية في نظر هدى، حيث أكّدت بأن المعاملة الخاصة التي تلقاها من قبل المتابعين ومشاعر السعادة على وجوههم لحظة لقائها تحرّك في داخلها إحساساً بالرضى والنجاح. ولعلّ نمط الحياة الجديدة الذي تعيشه هدى المفتي الآن لا يشبه تجربتها أيام الدراسة، حين كانت تفضّل العزلة خوفاً من زملائها المتنمرين. ولكن مخاوف الفنانة لم تتوقف عند تلك النقطة، باعتبارها تحولت إلى مخاطبة الأشخاص الناضجين، ممن يدركون لغة المنصات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لا تعترف بالعفوية والبساطة. وقد بدت حزينةً وهي تقول: “يعتقد الناس بأني متعجرفة أو أنظر إليهم بفوقية عندما يشاهدون منشوراتي وأنا أتنقل في أنحاء العالم من باريس إلى روما. وقد يعتقدون بأنني شخص سيء بناءً على تحليلاتهم الخاطئة لما أنشره على المنصات الرقمية. فالناس لا تعرف شيئاً عن ماضيك، وإنما ترى فقط الصورة التي يرسمها المشاهير لأنفسهم. وعندما لا تتفاعل مع رسائلهم لسبب ما فإنهم يبدأون بإطلاق الاتهامات والشتائم نحوك”.

تصف النجمة هدى المفتي نفسها بالفنانة، وهي تفضّل أن يتم تقييمها في هذا الإطار بعيداً عن مجال التمثيل. وعندما استفسرتُ عن خططها المهنية، وإن كانت تريد تكريس حياتها للتمثيل فقط، لمعت عيناها فجأةً، وأخبرتني بأنها ترسم أيضاً، وقد أخذت العديد من الدروس الاختصاصية في هذا المجال: “أجد في الرسم ملاذي المفضّل للتعبير عن مشاعري، سواء في الحزن أو الفرح. فأنا أعتبره مثل التأمّل تماماً. لذلك، أستجمع الشعور بالاسترخاء ثم أضع الموسيقى قبل أن أبدأ برسم المشهد الذي ينبع من ذاتي”.
ومن هنا جاءت لوحة المتسول الذي غيّر حياتها. ولكن اهتمامات الفنانة لا تتوقف عند الرسم، حيث اكتشفت بعد الأزمة الصحية التي واجهتها في ديسمبر 2020 شغفها بالرقص كوسيلة لتنشيط العقل والجسم. وقد منحها هذا الشغف فرصةً هامةً لأداء دور مميز في فيلم كيرة والجن من إخراج مروان حامد، وهو مأخوذ عن رواية 1919 للمؤلف أحمد مراد، وأبدعت المفتي في تجسيد دور راقصة شرقية بعد أن خضعت لتدريبات رقص مكثّفة لمدة شهرين قبل التصوير. وعندما أضاءت على تلك التجربة، قالت وهي تتمايل بجسدها بكل مهارة: “الأمر يتعلّق بكيفية الانسجام بين حركات اليدين وإيماءات العينين والوجه والكتفين”. ثم أكملت مازحةً: “أتقنتُ الحركات بشكل مميز، وقد أردت القيام بالرقصات وأنا أضع الشموع على رأسي، ولكن فريق العمل منعني من ذلك خوفاً من أن أتسبب بحريق في موقع التصوير”.

لعلّ السهولة التي أبدتها هدى المفتي في كشف معاناتها من القلق معظم حياتها لا تقلّ وضوحاً عن شخصيتها المتماسكة، حيث أظهرت قدرةً فائقةً على التحكم بجسدها وتصرفاتها، وكشفت عن رضاها عن المسار الذي رسمه لها القدر. وركّزت هدى على مفهوم “التحكم” في وصفها لكيفية أدائها كممثلة: “أنا من يبتكر الشخصية بالكامل، ويعيشها، ويرسم لها صورتها أمام المتابعين”. ولدى سؤالي عن كيفية اختيارها المدروس لأدوارها المتنوعة، أجابت بأن “الأمر يعتمد على القصة والمخرج والرؤية الفنية للعمل. ولكن الشخصية هي ما يجذبني بالأساس، ويدفعني إلى التفكير بقدرتي على تجسيدها والإعجاب بها والدفاع عنها حتى لو كانت تحمل في داخلها مفاهيم شريرة أو خاطئة. لذلك أجد دوري في مسلسل سوتس بالعربي أكبر تحدٍّ بالنسبة لي حتى الآن، حيث لعبتُ دور ضحية تتعرّض للتحرّش، كان دوراً صعباً للغاية لأنه تطلّب مني إظهار العديد من المشاعر المختلطة. وهذا ما قادني ربما إلى التفكير بسيدات عانين بالفعل من تجارب مماثلة”.

تؤكّد هدى المفتي بأن مصدر سعادتها الحقيقي يكمن في تمكّنها من مساعدة الآخرين، خاصةً في هذا العالم المليء بالتحديات. وقد اشتهرت بدفاعها عن المظلومين واستخدام منصتها لمناصرة العديد من القضايا: “أحاول دائماً الدفاع عن جميع المحرومين من حقوقهم الأساسية والوقوف مع حق الطفل في عيش حياة سعيدة وكريمة”. “يمتلك المشاهير قدرة التأثير على الجماهير، وأحاول استغلال هذه الميزة لتسليط الضوء على المهمّشين. فقد أحتاج في يومٍ من الأيام الآخرين لتمثيلي أيضاً”.

بالحديث عن الآخرين، سألتُها عن النصيحة التي تقدمها لزملائها الذين يحاولون دخول مجالها وتقليد مسيرتها؟ “تسعدني رؤية أفراد جيلي يبذلون جهداً في هذا المجال في وقتنا الحالي. وأسعى إلى منح النساء العربيات الأمل وتوفير مصدر إلهام لهن لتحقيق أحلامهن”، وتعتقد هدى المفتي أن ذلك ممكن فقط من خلال الثقة بالنفس: سر نجاحي هو صدقي مع نفسي، فأنا لا أسعى لتقليد أحد لأنني أثق بنفسي وبإمكاناتي. وتحظى المرأة اليوم بدعمٍ أكبر من أي وقتٍ مضى، خاصةً في مجالنا، سواء أمام الكاميرا أو في حياتها الشخصية. ويسرّني أن أرى المرأة تقود الأعمال في المزيد من القطاعات، وآمل أن أكون واحدة منهن في المستقبل القريب”. بالنسبة لشخص يقدّر أهمية العائلة، ما هي أفضل نصيحة تلقتها هدى خلال رحلتها إلى النجومية؟ تجيب ضاحكة: “لا تسمحي لأي شيء أن يزعجك. فأنا أتأثر للغاية بما يكتبه بعض الأشخاص من معلومات خاطئة عني أو عندما يحكمون علي بقسوة، حيث يواسيني من حولي دائماً بالقول: أنت تعرفين نفسك حق المعرفة، ويجب أن تتذكري دائماً أنك تملكين الكثير من الصفات الرائعة”.
رئيسة التحرير: أوليفيا فيليبس إخراج فني: أوسكار يانيز المدير الإبداعي: مارن شوارتز تنسيق أزياء: آنا كاستان محررة شؤون الأزياء والموضة: نور بو عز إنتاج: جوانا دانا تصفيف شعر: جياناندريا مارونجيو. مكياج: ماسيمو سيريني. مساعد تصوير: نيكولاس فانيجاس سانشيز من MM Productions مساعد الأزياء: كريستيان ماركيسيتش وشكر خاص للورينزو إسبوزيتو ودومس بورجيزي، روما
