الحجاب… من دلالة على المكانة الاجتماعية إلى رمز للدين والحضارة
في اليوم العالمي للحجاب، نستعرض رحلة أغطية الرأس في التاريخ، وكيف تحولت إلى رمز للدين والحضارة في عصرنا الحالي.
في القاموس يعرف الحجاب بأنه “غطاء للرأس تلبسه السيدات المسلمات عند الخروج” ولكن غطاء الرأس هذا وجد قبل الإسلام، إذ يعود تاريخه لأكثر من 2500 سنة قبل الميلاد. في الحضارات القديمة ارتدت السيدات غطاء الرأس كدليل على المكانة البارزة في المجتمع، وفي الإمبراطوريات البيزنطية واليونانية والفارسية، كان الحجاب يميز المرأة ذات المكانة العالية والرفيعة عن الطبقات الدنيا. كما استخدم غطاء الرأس كذلك في الديانات الأولى بما فيها الكاثوليكية.
ولكن غطاء الرأس أصبح مرتبطاً بالمرأة المسلمة التي تغطي الشعر بغية الاحتشام في اللباس، على الرغم من أن العديد من غير المسلمين في جميع أنحاء الشرق الأوسط قد تبنوا تغطية الرأس كذلك، كشكل من أشكال اللباس المحتشم.
قد يرى البعض أن ارتداء الحجاب هو شكل من أشكال تمكين المرأة، إلا أنه في الوقت نفسه سبباً للتحيز ضدها. هذا ما يطمح مؤسسوا اليوم العالمي للحجاب (والذي يتم الاحتفاء به اليوم، 1 فبراير) لأن يسلطوا الضوء عليه. اليوم تطلق هذه المبادرة حملة في مواقع التواصل الاجتماعي لإنهاء التحيز ضد الحجاب، حيث يُطلب من السيدات المحجبات أن يحملن لافتة كتب عليها الهاشتاق EndHijabophobia#.
ذكرت هدى كاتبي، الناشطة الإيرانية – الأمريكية في حوارها مع بازار “نشأت في الجنوب [في الولايات المتحدة]، وكنت أعتقد أنه من الطبيعي أن يطلق عليّ مسمى إرهابية عندما أذهب للتسوق أو أن يلكمني زميلي في الصف وينزع الحجاب عن رأسي، انتقلت إلى شيكاغو وهذا ساعدني لأن أستوعب أن ذلك لم يكن طبيعياً”.
أما مروة بلتاجي، المدونة ومنسقة الأزياء التي عملت فيعلى تنسيق الأزياء المحجبة منذ ما يزيد عن 10 سنوات، لاحظت التغيير في التعامل بسبب الحجاب الذي ترتديه “مع كل التغييرات السياسية أصبحت الفتيات [اللواتي يرتدين الحجاب] يتناقشن إن كنّ سيبقينه أو لا. ولأنهن أصبحن يشعرن أنهن مستهدفات أصبحنا نسمع عن من ينتزعن الحجاب أكثر ممن يرتدينه”.
هل يمكن أن يكون انتشار الحجاب لدى علامات الأزياء العالمية سبباً في تقليل من هذا التحيز ضد المحجبات؟ أطلقت علامة دولتشي آند غابانا أول مجموعة من العبايات في 2016، وصورتها مع عارضات غطين شعرهن بالكامل، أما علامة مايكل كورس فقد أطلقت مجموعة من أغطية الرأس المطبعة في 2016، فيما غيرت علامة نايكي الطريقة التي تمارس بها المحجبات الرياضة في 2018 بإطلاق حجاب نايكي برو، وتبعتها ببذلة السباحة فيكتوري سويم للمحجبات في 2020. وتسير العديد من العلامات على هذا الطريق، إذ من المتوقع أن تبلغ قيمة سوق الملابس المحافظة $361 مليار دولار في 2023.
عارضة الأزياء المحجبة حليمة آدن أصبحة أو عارضة أزياء محجبة تسير على منصة عروض الأزياء في نيويورك عندما شاركت في عرض ييزي وتبعه عرض ماكس مارا وألبيرتا فيريتي في ميلان. وذلك ما مهد الطريق للمزيد من عارضات الأزياء المحجبات حتى يسلكن هذا الطريق في عروض الأزياء.
بعد مضي عدة أعوام حافلة كما ظهرت لنا، صدمت حليمة الجميع عندما أعلنت اعتزالها عروض الأزياء بعد أن أجبرت على التخلي عن معتقداتها الدينية. وقالت “ألوم نفسي على أنني التفت إلى الفرص بدون أن أعي ما أخسره” وأكدت أن عالم الأزياء يفتقر لمنسقات الأزياء المختصات بالحجاب وأنها اضطرت لتنسيق أزيائها بنفسها أكثر من مرة.
قد لا يكون الحل عند العلامات العالمية، حيث شاهدنا نمواً لافتاً في العلامات المحلية التي تصنع أغطية الرأس التي تلعب دوراً أساسياً في الرداء التقليدي في المنطقة حتى وإن لم تغطي الشعر، وتسمى في السعودية “طرحة” وفي الإمارات وقطر “شيلة”. لطالما كان غطاء الرأس أسود اللون ويباع مع كل عباية تشترينها، ولكن مع تغير العباية إلى قطعة أنيقة في خزانة المرأة، أصبح غطاء الرأس مرتبطاً بالحفاظ على ثقافة الشرق الأوسط والاحتفاء بها بقدر ما يتعلق بالدين والاحتشام.
تعرفوا على العلامات المحلية التي تقدم أغطية الرأس الأنيقة ضمن مجموعاتها:
كاف ميم:
أسستها سيدة الأعمال السعودية كريمة صالح مع شقيقها ميار صالح في 2015، حتى تلبي حاجة السوق للطرح والحجابات الملونة وتقول عنها “نطمح لأن نقدم حجابات عملية فلدينا عميلات مختلفات، من ضمنهن المحجبات اللواتي يفضلن تنسيق إطلالات الحجاب الأنيقة، ومن ضمنهن كذلك العاملات في القطاع الطبي على سبيل المثال، أو من هن بحاجة لارتداء الحجاب لساعات طويلة”.
تاء مربوطة:
أسستها المصممة السعودية روان أزهر للعبايات منذ أكثر من 10 سنوات، وسرعان ما استوعبت حاجة السوق للحجابات الأنيقة فقدمت مجموعة خاصة من الحجابات في عام 2015. “أطلقنا مجموعة الطرح بالتزامن مع إطلاق مجموعة ملابس السفر، كانت الفكرة من ورائها هي أن نتيح للسيدات فرصة تنسيق الإطلالات اليوميّة مع الحجابات الأنيقة وبعدها أطلقنا الطرح المطرزة التي لاقت رواجاً كبيراً. كانت الطرح السوداء الكلاسيكيّة تلقى رواجاً كبيراً في السابق، أما الآن فقد أصبحت السيدات يفضلن الطرح التي تناسب العباية في اللون والتصميم”.
موزان:
تأسست هذه العلامة على يد رفيعة هلال بن دري عام 1990، وتقدم عبايات فاخرة وأنيقة بالإضافة إلى القفاطين والحجابات، وتقول مصممتها “أطلقنا مجموعة الحجابات في عام 2013، تحب عميلاتنا أن يرتدينها في جمعات العائلة أو الزيارات، وغالباً ما يطلبن الألوان المحايدة وألوان الباستيل كالأخضر والوردي الفاتح.
هال إنك:
هي علامة مشتقة من علامة سترة التي أسستها مريم بن محفوظ، بدأتها في 2010 وتقول عنها “أطلقت مجموعة التوربان في علامة سترة عام 2008، كانت الأكثر مبيعاً ضمن علامة سترة حينها وقد عرفنا بها لذلك قررت أن أوقفها، أطلت منتج جديد بدلاً منها وهو غطاء للرأس في علامة هال إنك. في السعودية ليس عليك أن تكوني محجبة حتى ترتدي غطاء الرأس، ومنتجاتي يمكن أن تلبسها المحجبات وغير المحجبات كذلك”.
فولار:
كانت هذه العلامة من أوائل العلامات التي أطلقت الحجابات في السعودية، أسستها سارة الريس في 2011، كان الفيسبوك حينها وسيلة التسويق الوحيدة للعلامات الناشئة، وتقول سارة “لم تتوافر الكثير من الخيارات عندما بدأنا، كما أن الفكرة المأخوذة عن الحجاب هي أنه لا يتوافق مع الأناقة، وهذا ما أرتد تغييره، لذلك كان مهماص بالنسبة لي أن أطلق الحجابات التي تناسب كل ألوان البشرة، ونستخدم نوعين من القماش وهما الفوال والليزر، الأول عملي ولا سنزلق من على الرأس ويزدان غالباً بالتطريز الخاص بنا، أما الثاني فهو قريب من الشيفون”.
اقرؤوا أيضاً: سمو الأميرة ريما بنت بندر تتحدث عن أهمية المساواة بين الجنسين
