ألانا حديد تتحدث عن المبادئ الإنسانية وكيفية الدفاع عنها
Posted inأخبار النجوم والمشاهير

نبض متوهج: ألانا حديد تتحدث عن المبادئ الإنسانية وكيفية الدفاع عنها

ترتكز ألانا حديد إلى ميثاقٍ أخلاقيّ راسخ، تعتنقه بثبات وتعبّر عنه بجرأة واعتداد، بصوتٍ جهور ونبرةٍ لا تعرف المواربة؛ فالناشطة الفلسطينية لا تتوانى عن الدفاع عن قناعاتها والإفصاح عنها دون مواربة أو خوف…

صريحة، شغوفة، ملتزمة، هي الأوصاف الأنسب للحديث عن ألانا حديد. فالفلسطينية المقيمة في كاليفورنيا والتي تشغل منصب المديرة الإبداعية، معروفة بنشاطها ودفاعها المستميت عن القضايا التي تحملها في قلبها. مثال على ذلك هو قيادتها لشركة Watermelon Pictures التي تركّز على التمثيل الثقافي في السينما وتمويل الأفلام التي تسلّط الضوء على بلدها الأم. من القيم الجوهرية في منظومتها الاعتقادية أيضًا: الموضة المستدامة. فخبيرة الأزياء اللامعة والمؤسّسة المشاركة للعلامة المحايدة بين الجنسين La Detresse، أصرّت على ارتداء إطلالات تنسجم تمامًا مع قناعاتها في جلسة التصوير الحصرية لبازار العربية. ألانا التي سطعت لأوّل مرّةٍ على منصات العروض خلال أسبوع كوبنهاغن للموضة مع علامة Saks Potts وتصدّرت أولى أغلفة المجلات في سن الأربعين قبل أيام فقط من حضورها جلسة التصوير هذه، تحدّثنا عن شغفها بالقطع الفينتاج، ولماذا بات من الضروري أن نمنح كوكبنا الأولوية.

ما الذي حفّزك على إعطاء الأولوية للممارسات المستدامة في عالم الموضة؟

نشأت في بيئةٍ يزدهر فيها الذوق الرفيع، حيث كان التميّز في الأناقة أمرًا أصيلًا لا يرتبط إطلاقًا بالأسماء التجارية الرنّانة. لقّنتني عائلتي منذ الصغر، أن الموضة ليست مجرّد مظهرًا، بل هي تعبير شخصي، موقف سياسي وأداة تأثير فاعلة. كانت القطع العتيقة بوابتي الأولى إلى هذا العالم، إذ بدأت رحلتي معها في سنٍ مبكر، ولم أنقطع عنها يومًا. كنت أرى متاجر الملابس الفينتاج كأنها ساحات لاكتشاف الكنوز؛ أبحث فيها لا عن الذهب، بل عن بنطال جينز واسع يحكي حكاية، أو قميص قطني مستهلك يجسّد الحلم في أبهى صوره. علمتني تلك التجربة أن الأناقة الحقيقية لا تتطلّب التنازل عن القيم أو الإضرار بكوكبنا أو بالبشر. فالملابس التي تحمل تاريخًا تنبض بطاقةٍ فريدة، وتحفظ بين طيّاتها ذاكرة لا تبهت، كما أنها تدوم وتبقى، خلافًا لما تهرّأه الغسلة الثالثة.

ما أبرز التحدّيات التي واجهتكِ في الحفاظ على التزامك بالموضة الأخلاقية؟

التحدّي حقيقي ومرهق بحق؛ فالتمسّك بالموضة الأخلاقية أشبه بوظيفة بدوامٍ كامل: من تدقيقٍ دؤوب في تفاصيل بطاقات المنتجات، إلى تتبّع متاهات سلسلة التوريد، مرورًا بتفادي الشعارات البيئية المضلّلة. لكن الحقيقة الراسخة هي أن الجمال الحقيقي لا يأتي بلا عناء. أما التحدّي الأكبر؟ فهي الراحة المفرطة؛ فالموضة السريعة تغرينا بزرٍّ واحدٍ يؤدّي إلى الندم. لقد تعلّمت أن التأنّي فضيلة وأن أطرح على نفسي الأسئلة الأصعب: من يقف خلف هذا المنتج؟ ما الكلفة الحقيقية لصناعته؟ هل يستحقها؟ كما أحرص على أن أُعامل نفسي والآخرين بقدرٍ من الرحمة والرأفة؛ فالمثالية ليست شرطًا، لكن النوايا النبيلة تصنع الفرق. التقدّم المستمرّ أولى من الوصول إلى كمالٍ زائف، والعمل الصادق في هذا المسار هو استثمار يستحق كل خطوة فيه.

ما الدور الذي تلعبه الشفافية والأصالة في مقاربتكِ للاستدامة؟

إن لم أتحلَّ بالصدق، فما الجدوى؟ لست هنا للإدّعاء أنني أعيش حياةً مثالية خالية من الهدر ونقية بيئيًا، بل أنا هنا لأقول الحقيقة: الاستدامة أمر معقّد، فوضوي، ومليء بالتناقضات… تمامًا كالحياة. الأصالة بالنسبة لي، تعني الاعتراف عندما لا أملك الإجابات، لكني أبقى متمسّكة بطرح الأسئلة الأفضل. أما الشفافية، فتعني أن أظهر وأتحدّث حتى عندما يكون ذلك غير مريح. سواء في الموضة، أو في النضال، أو حتى في كوني إنسانة على شبكة الإنترنت، أعتقد أن الناس يتوقون إلى الحقيقة. إذا استطعت أن أكون صادقة ومسؤولة في آنٍ واحد، فذاك هو المسار الذي أريده لنفسي!

كيف ترين تطوّر الموضة الأخلاقية؟ وما الدور الذي تطمحين للعبه في هذا المسار؟

يتجسّد تاريخ الموضة في جوهره، كمقاومة منسوجة في خيوط القماش. من التطريز الفلسطيني الذي يحوك الحكايات بالخيط والإبرة، إلى تمرّد الموضة البانك الذي مزّق القواعد وأعاد رسم الحدود، لطالما كان الأسلوب تعبيرًا سياسيًا صريحًا. أستمدّ إلهامي من أولئك الذين اتّخذوا من الموضة أداةً لتجاوز المألوف ووسيلةً لقول الحقيقة في زمنٍ كان الصمت فيه هو المنتظر.

أما عن المستقبل، فأحلم بموضة أقل خضوعًا لنزوات الصيحات العابرة وأكثر ارتكازًا على الوعي والنيّة. أقل لهاثًا خلف ما هو رائج، وأكثر التصاقًا بما هو صادق وجوهري. لا بدّ للموضة الأخلاقية أن تتحوّل إلى القاعدة، إلى السائد لا الاستثناء. أرى في نفسي صلة وصل بين الأناقة الهادفة والتقدّم الواعي، بين جمال المظهر وعمق المعنى. بكل شفافية، سأبقى أرتدي ما يبهر وما يعكس قيمي، حتى في قلب الثورة.

من عدد هاربرز بازار العربية لشهر سبتمبر 2025

اقرؤوا أيضًا:

No more pages to load