
رائحة الحنين: ثلاث سيدات سعوديات يروين حكايات العطور في حياتهن
كيف يمكن أن تؤثر العطور على مزاج كلّ منا، وترسم ذكريات الطفولة!
تأخذنا الروائح إلى ذكريات عشناها سابقاً وأماكن لم نزرها من قبل أو لأشخاص افتقدناهم وبقيت الرائحة العطرة تعيدهم إلينا من حين لآخر تلك القوة التي تملكها الروائح هي ما تشكّل ذائقتنا في العطور، وهي ما دفعت هؤلاء السيدات الثلاث إلى جمع العطور المميزة كهواية، وصنع عطور خاصة بهن تحمل بصماتهن وترسم ذكرياتهن الخاصة.
شهد المري
@cozmoburqa

إن دخلتم المساحة الخاصة بشهد في منزل عائلتها بالرياض، فستتجه أعينكم مباشرة إلى الزاوية المخصصة للعطور بالقرب من مرسمها الخاص. أرادت شهد أن تخصص مساحة لكنوزها من العطور، تحاكي بتصميمها صندوق المجوهرات، تقول عنها “لم أجد ما يعجبني من الرفوف والخزائن فلجأت إلى تصميم هذه الخزانة بنفسي”.
تعود علاقة شهد بالعطور إلى الطفولة، وترتبط تحديداً برائحة الورد الطائفي والعود المعتق، وتقول “تلك الرائحة معبرة وعميقة بالنسبة لي فهي مرتبطة بذكريات الطفولة السعيدة. أما عن أول العطور التي اقتنيتها فقد كان عطر عطر L’Ombre من Diptyque، أثار هذا العطر فضولي عندما كنت في العشرين من عمري، ولم أعرف السبب حينها، فبدأت بالبحث عن المكونات والقصة خلف العطر، من هناك بدأ شغفي بالعطور والروائح”.
تملك شهد اليوم ما يقارب 200 عطر، وتؤكد “أحب التنويع بين عطوري من فترة لأخرى، أرى العطور كنوع من الاهتمام وتقدير الذات، فالعطر يجب أن يكون لكِ قبل أن يكون للناس”.
ترتبط العطور ارتباطاً وثيقاً بالقصص والذكريات، ولكل عطر في مجموعة شهد قصة ترويها بشغف، “يأخذني عطر Byredo 1969 إلى فصل الشتاء في لندن عام 2013، عندما كانت الأجواء باردة والمطر ينهمر بغزارة، كانت رائحة هذا العطر تمدني بالدفء. أما عطر Montabaco من Ormonde Jayne فقد كان أول عطر أهديه لوالدي، ودائماً يقول لي أنه من أفضل العطور لديه حتى الآن، وذلك يغمرني بالسعادة”.
استعرضت شهد مقتنياتها النادرة من العطور، والتي تضمنت قطعة من العنبر الطبيعي النادر تلقتها كهدية، وعبوة من الكريستال تحمل كمية من دهن العود الصافي تقول “أحتفظ بها في أعلى الرفوف، فهي أغلى ممتلكاتي من العطور أعتقد أن سعرها كان 16 ألف ريال”.
”الفن لدوام الرائحة يكمن في استخدام الزيوت العطرية على بشرة رطبة”، تؤكد شهد وتضيف “ثبتيها بعد ذلك بعطرك المفضل ثم اختميها ببخور ذو جودة عالية لضمان ثبات الرائحة وقتاً أطول”.
ولاء الحميد
@Walahearts
نشأت ولاء في منزل يعشق العطور، وكانت ذلك أول ارتباطها بهذا العالم. وتقول “كانت رائحة البخور أساسية في كل مناسباتنا، مع روائح الهيل والزعفران والقهوة. حتى أن أفخم الهدايا التي نتبادلها كانت عطور، كنت أراها كالمجوهرات، وأخشاب البخور ثمينة للغاية نحتفظ بها في الخزنة مع المجوهرات. كما كانت والدتي تعامل زجاجات العطور كقطع الديكور وتزين بها كل مكان بالمنزل”.
تحتفظ ولاء بعطورها اليوميّة في غرفتها، كما تحتفظ بباقي العطور في مجموعتها والتي يبلغ عددها حوالي 240 عطر في خزانة خاصة، بدأت هذه المجموعة بأول عطر اقتنته وهو أحد عطور Jean Paul Gaultier “كان ذلك العطر هدية من والدي رحمة الله بعد رحلة إلى لندن، كنت في عمر 12 سنة”.
أسست هذه السيدة الطموحة علامة للعطور تحمل اسمها، مدفوعة بعشق العطور وارتباطها الوثيق بالروائح، وتقول عنها “كانت العطور في نظري مرتبطة بالسفر لأن الاطلاع على إصدارات العطور الجديدة والتي لم تكن تصل إلى المملكة من أساسيات أي رحلة لي إلى الخارج. في 2016 كنت مستاءة من سوق العطور الذي يحصر العرب في مكونات العود القوية ولم يفهم ذائقة المرأة العربية المعاصرة فقررت أن أنشئ دار عطور لأصنع قالب عطري خارج نطاق العود التقليدي. توجهت حينها إلى المصانع المحلية ولكنها لم تكن بالمستوى المطلوب آنذاك فاتجهت إلى فرنسا”.
في رحلة تأسيس هذه العلامة والتي استغرقت بضع سنوات، اكتسبت ولاء معرفة واسعة في عالم صناعة العطور، وأصبحت تتمتع بعين الخبير وأنف حساس تجاه المكونات ذات الجودة العالية، وذلك ما جعلها تؤدي دور المستشارة لدور العطور المحلية وصناع العطور من الشباب في السعودية.
حرصت ولاء على أن تضع بصمة شخصية في عطورها، فعطر Amber Wood من دار ولاء للعطور يمثل شخصيتها، وتصفه بقولها “هو عطر خشبي عنبري فخم . متناقض من ناحية الانوثة والفخامة”. أما عطر Tonka Sandalwood فهو عطر الذكريات بالنسبة لها، يعيدها إلى بيت عائلتها القديم.
”أؤمن بأن العطور تحمل أكثر من روائح” تقول ولاء “هي ذكريات ومشاعر وأذواق تعبر عنّا، تمثلنا، تذكرنا بالماضي والحاضر. في أول عام من إطلاق العلامة، قلما حصل عميل على عطر من دار ولاء للعطور ولم يعد إلينا حاملاً مشاعر الامتنان والولاء لأنها روائح زكيه واستثنائية تتناسب مع تفرد كل منّا”.
لينا المساعد
@dlperfumeksa
كانت والدة لينا وديمة المساعد تحرص على خلط الزيوت العطرية وإضافة مكوناتها الخاصة للعطور التي تشتريها، تروي لينا ذكريات الطفولة قائلة “كنت في عمر السابعة أراقب والدتي هي تقوم بخلط العطور وإعادة ابتكارها. كانت تقوم بذلك كهواية لا أكثر، حتى ابتكرت مخلط خاص بها قبل ما يقارب 30 سنة، وانتشرت رائحته إلى خالاتي وسيدات العائلة. كان هذا المخلط ذو الرائحة الخاصة يُهدى لكل عروس جديدة في العائلة”.
كان هذا المخلط الذي ابتكرته والدة لينا وديمة هو أساس علامة DL Perfume التي أنشأتاها الشقيقتان معاً، وعلى الرغم من أن والدتهما كانت معارضة لفكرة بيعه وانتشاره إلا أنها وافقت على ذلك بشرط صناعته بكمية محدودة. “صنعت والدتي هذا المخلط بيدها، واستوحينا العبوة من حضورها وذوقها كما أطلقنا عليه اسم Omaz، تيمناً بوالدتي، أم مازن”.
حرصت الشقيقتان لينا وديمة على استكمال مجموعة العطور الخاصة بهما بعطرين يمثلان شخصية كلّ منهما عطر LUZ الذي تصفه لينا بقولها “يتميز هذا العطر برائحة باردة وأنثوية بمزيج من الهيل، القرفة والفانيلا، على عكس عطر DEE الذي يمثل ذوق شقيقتي ديمة برائحة الجلود والعنبر”. كانت عطور هذه العلامة تصنع في المملكة إلى أن قررت الشقيقتان أن توسعان معرفتهما في هذا العالم بحضور الدورات ولقاء الخبراء في جنوب فرنسا “كانت تجربة فرنسا مختلف للغاية توجهنا إلى هناك بهدف صناعة عطر مستوحى من مخلط والدتي، جاء بعدها عطر Omaz delicate الذي لاقى رواجاً واسعاً، كما أنه لقي استحسان والدتي التي أصبحت تستخدمه بكثرة”.
لطالما كانت علاقتها بالعطور خاصة وحميمية. هي تعتقد أن تأثير العطور يتخطى الرائحة وحسب، بل يمكن أن تعطي انطباعاً عن الشخص الواقف أمامها وتعزز ثقتها بنفسها عندما ترى انطباع من حولها على رائحة عطرها، وتقول “أعتقد أن إطلالة أي سيدة تعد ناقصة إن لم تفوح رائحة عطرها في المكان”.
في الختام تكشف لينا طريقتها في خلط العطور معاً قبل الخروج من المنزل “تحتوي عطورنا على نسبة كبيرة من الزيت لذلك أفضل أن أستخدمها على الجسم قبل ارتداء الملابس، وبعد ذلك أستخدم أي عطر آخر، أحب عطر LUZ وعطر Don’t Be Shy من علامة Kilian”.
اقرؤوا أيضاً: كل ما يجب أن تعرفوه عن معرض “الأبد هو الآن” في مصر