
لأول مرة… المصمم عدنان أكبر يروي قصة تأسيس أول علامة سعودية للأزياء الراقية
مؤسس أول علامة سعودية للأزياء الراقية عدنان أكبر يروي قصة تأسيس علامته في السبعينيات من القرن الماضي
في السبعينيات، الوقت الذي كانت فيه صناعة الأزياء السعودية تعتمد على متاجر الخياطة الصغيرة وما يمكن أن تقدمه لزبائنها، كان للمصمم السعودي عدنان أكبر رؤية مختلفة، فقد كان يطمح لتقدم ما يرتقي للمنافسة العالمية.
تحقق أحد أحلامي عندما استقبلني المصمم عدنان أكبر مع في الأتلييه الخاص بالعلامة والواقع في مدينة جدة، مع ابنته أضوى التي تترأس الجانب الإبداعي في العلامة وابنه عبدالله الذي يدير الجانب التجاري منها في متجر العلامة في جدة حيث استعاد المصمم السعودي ذكرياته في تأسيس علامة الأزياء التي تحمل اسمه. أردت أن أستفتح حديث الذكريات بالبذرة التي بدأت هذا الشغف لدى المصمم، وبسؤالي هذا رفع المصمم هاتفه وعرض أمامي صورة لوالدته وكأنها كانت كل ما يمكن أن يقال في هذا الصدد، فقد كانت هي الملهمة في الأساس. يقول المصمم: «يمكن أن تُغني هذه الصورة عن كل الكلام. كانت والدتي صاحبة كاريزما خاصة وجمال مبهر، كانت تعطي جمالاً إضافياً لكل ما ترتديه»، كانت والدة عدنان أكبر أول من لفت نظره لهذا العالم في الأساس، وعززت فيه الشغف للجمال، فقد بدأ في التطريز من عمر 12 سنة وقد كان يصاحبها لزيارة الخياطة الروسية التي تتردد إليها في مكة وتثار في ذهنه الكثير من الأسئلة حول هذا العالم.

تعرّف عدنان على مصطلح الأزياء في طفولته عندما كان في المدرسة، “التفت إليّ المدرس وأنا أرسم فقال لي: ‘انت بتعمل أزياء؟’ كانت هذه المرة الأولى التي أسمع فيها هذا المصطلح، فقد نشأت في وقت صعب، حتى عندما قررت أن أبدأ فعلياً كان والدي يقول لي كيف ستعمل، هل تعتقد أنك في باريس؟ ولكنني كنت أحب هذا العمل ولست أهتم لغير ذلك».
يؤكد المصمم أن رؤيته كانت مركزة في ذلك الوقت على نقطة معينة “لم أكن أهتم للجانب التجاري بصراحة، على خلاف الكثيرين، بل كان يؤرقني سؤال واحد وهو لماذا تتفوق علينا أوروبا في هذا المجال؟ وكيف يمكن أن نصل إلى مستوى المنافسة؟” يعترف عدنان أكبر أن هذا السؤال هو ما أشعل شرارة التحدي في داخلة وأيقظ الشغف الذي يبقيه ساهراً في الليل ببال مشغول بخطط التطوير وأنامل تعمل على عينات التطريز المبتكرة. وفي الوقت الذي انشغل العالم بمتابعة نجمات السينما كان المصمم الشغوف يتابع كل ما ترتديه سيدات العائلة الملكية في مصر وما يقدمه أشهر المصممين في باريس. وفي وسط الحوار وأثناء استرجاعه للذكريات السابقة يلتفت عدنان إلى ابنته أضوى المصممة الرئيسية في علامة عدنان أكبر في الوقت الحالي ويصف لها أحد الفساتين الذي ابتكرها في السابق وكيف يمكن أن يُعاد في الوقت الحالي. في الواقع، أكد المصمم أن أبناءه يستمعون لبعض القصص التي تذكر في هذا اللقاء عن عمله في صناعة الأزياء للمرة الأولى.
لدى عدنان أكبر سبعة أبناء وبنات، يتعاونون لإبقاء هذا الإرث الذي بني على يد والدهم ونشأوا وهم يشاهدونه يكبر. تؤكد أضوى على أن والدها هو من زرع فيها حب الأزياء، فقد كان يلبسها فساتينا من تصميمه، وحرص على أن يعلمها أساسيات الخياطة والتطريز من عمر مبكرة.
كان هذا المصمم يرى الموضة بعدسة عالمية، وكان يطمح لتقديم ما يرتقي للمعايير الملكية، ونجح بالفعل في تقديم تصاميم سحرت سيدات العائلات الملكية في الخليج، وسيدات المجتمع العربي. ولكنه في الوقت نفسه لم يكن يرى النجاح هذا بالشيء الكبير، ويعترف: «لم أكن يوماً راضياً عمّا أقدمه وكنت دائماً ما أشعر أنني يجب أن أبذل جهداً أكبر”. ولكنه مع ذلك يسترجع ذكرى عرض الأزياء العالمي الذي أقيم في فرنسا خلال الثمانينيات وتمكن من المشاركة فيه قائلاً: «كنت في باريس ورأيت بالصدفة التحضيرات أمام قصر شايو لإقامة عرض بحضور أكثر من200 ألف شخص فسعيت جاهداً للمشاركة فيه إلا أن المشاركة في هذا العرض كانت على مستوى الدول، وكانت دول الخليج مستبعدة».
تمكن عدنان أكبر أخيراً من المشاركة في هذا العرض واجتهد لتقديم أرقى ما يمكن أن يمثل به المملكة العربية السعودية، ويقول: «لم أكن أنام الليل في ذلك الوقت للاستعداد للعرض، قدمت فستان زفاف يصل طول ذيله إلى عشرة أمتار، حرصت على إنهاء القطع بأفضل جودة وركزت على أدق التفاصيل». وعلى الرغم من أنه قد قدّم عدداً من العروض هنا وهناك في إيطاليا وكان إلا أنها كانت المرة الأولى التي تعرض تصاميمه أمام جمهور من النقاد العالميين وقد نجح بجدارة في هذا الاختبار، حيث ترددت أخبار مشاركته في هذا العرض في الصحف العربية والعالمية على حد السواء.
كتبت اليزابيث كوفمان مقالاً لمجلة هاربرز بازار الفرنسية عدد شهر فبراير 1988 قالت فيه: «خلال المهرجان العالمي الأخير للموضة، وقف الجمهور فاغر الفم إعجاباً بما رأى أثناء العرض السعودي… استطاعت تصاميم عدنان أكبر -المبدعة وكأنها تحف فنية فريدة من عمل فني رائع مزخرفة بالجواهر واللآلئ والمستوحاة من الكثبان الرملية تحت تأثير رياح الصحراء، والمصممة على أثمن الأقمشة في العالم – أن وجودها بنجاح في أول امتحان لها في باريس عاصمة الأزياء والأناقة. وأن تكون تصاميمه أفضل سفير لفن الحياة متجاوزة بذلك حدود الأناقة والرقي.» وكتبت صحيفة رويترز حينها عن مشاركة عدنان أكبر في ذلك العرض أنها كانت: «موعداً لمولد نجوميته العالمية… متفوقاً على كبار المصممين العالميين» ويعترف أن هذا الاعتراف العالمي كان: «مريحاً للغاية بعد مشوار متعب جداً».
تلقى المصمم السعودي دعوات متكررة إلى باريس وكأن عاصمة الموضة في ذلك الوقت قد فتحت له أذرعها لتحتضن هذه الموهبة الصاعدة في عالم الأزياء ولكن طموحه الأساسي كان ولا يزال مركزاً على تطوير هذه الصناعة والارتقاء بمعاييرها المحلية. ذلك ما دفعه لدعوة الخبير جاك رويت مدير علامة ديور سابقاً إلى جدة لتقييم العلامة بشكل احترافي: «كل الناس يقولون أنني الأفضل ولكنني لم أكن أرى هذا الشيء، إلى أن اطلع الخبير جاك رويت على تصاميمي وزار مقري في جدة وقال لي ‘أنت خارق للعادة’.تفاجأ بأنني أشرف بنفسي على كل تفاصيل القطعة من التصميم وحتى التطريز والخياطة لأن الأمور كانت تسير بشكل مختلف في أوروبا حيث أن العلامات الكبرى تستعين بمعامل متخصصة في التطريز، وقد نصحني بالاستعانة بمساعدين لأنني لا يمكن أن أستمر على هذا الوضع مطولاً. أقلقني كلامه وحفر في ذهني وقتها».
عاش عدنان أكبر مسيرة مهنية ناجحة قدّم فيها المصمم أجمل تصاميمه، وألبس أشهر النجمات في العالم من بينهن الصبوحة وشريهان التي تألقت بتصميمه في فوازير ألف ليلة وليلة عام 1987، كما قدّم تصاميمه لأفراد العائلات الملكية في الخليج وكانت الأميرة ديانا من ضمن عميلاته.
يستمع كلّ من أضوى وعبد الله أبناء عدنان أكبر اللذان يترأسان معاً – بحضور والدهما ومشورته – مهمة تجديد هذه العلامة حالياً، ذلك لأنه قرر الابتعاد عن الأضواء في السنوات الأخيرة إلا أنه استمر في العمل الدؤوب. وقد كانت نصيحته لهما ولكل المصممين الذين يطمحون لحفر أسمائهم في تاريخ صناعة الأزياء هي أن يواصلوا العمل بجد واجتهاد، وأن لا يرضوا بالعمل العادي بل يواصلوا البحث عن سبل التطوير والتحسين، ويقول ضاحكاً “أغضبت الكثير من الخياطين والعمال خلال مسيرتي لأنني لم أكن أرضى بغير الأفضل على الإطلاق”.
تتشرب الروح الشابة والشغف المتجدد في أبناء المصمم هذه النصائح، وتشعل فيهم الحماس لأن يواصلوا العمل بالمعايير ذاتها والجهد ذاته لتطور هذه الصناعة على خطى والدهم. وقد أطلقت العلامة أخيراً بإبداع أضوى أكبر، وإدارة عبدالله أكبر، ومشورة والدهما، أحدث مجموعة للأزياء الراقية في باريس، وهي مجموعة تطغى عليها اللمسات الأنثوية بألوان الباستيل الناعمة والتطريز الساحر، والأهم من ذلك كله جودة الخياطة التي ترتقي للمعايير العالمية، وهو ما كان – ولا يزال – الأساس الذي تقوم عليه هذه العلامة.



من أحدث مجموعات علامة عدنان أكبر
اقرؤوا أيضاً: عارضة الأزياء أميرة الزهير تروي قصة طموحها لمجلة بازار السعودية في خريف 2023
الصور: حرص المصمم على توثيق صوره في كاتالوجات خاصة محفوظة في أرشيف العلامة حتى اليوم
المزيد على موقع العلامة: www.adnanakbar.com