Posted inالموضة

الفن في تصوير ثقافتنا: كيف يمكن أن تخطئ العلامات التجارية في رسم معالم الثقافة المحلية

مستشارة التحرير مريم مصلي توضّح الطرق الخاطئة في رسم معالم الثقافة السعودية في الأزياء

من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يخشى‭ ‬مصممو‭ ‬الأزياء‭ ‬من‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬إغفال‭ ‬التقاليد‭ ‬الثقافية‭ ‬عند‭ ‬محاولة‭ ‬مواكبة‭ ‬الصيحات‭ ‬العالمية‭. ‬ولا‭ ‬يمكننا‭ ‬لومهم‭ ‬على‭ ‬شعورهم‭ ‬بالخوف‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬تتمتع‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬شهرة‭ ‬أي‭ ‬موهبة‭ ‬في‭ ‬دقائق‭ ‬قليلة،‭ ‬أو‭ ‬إيصال‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬إلى‭ ‬النجومية‭ ‬بلمح‭ ‬البصر‭.‬

ولكنني‭ ‬قررتُ‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬يتجنبه‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الأزياء‭ ‬نتيجة‭ ‬خوفهم‭ ‬على‭ ‬مسيرتهم‭ ‬المهنية‭. ‬وربما‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬قد‭ ‬يعكس‭ ‬الشجاعة‭ ‬أو‭ ‬الحماقة‭. ‬لكن‭ ‬المهم‭ ‬بنظري‭ ‬هو‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬للتعلم‭ ‬منها‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬العلامات‭ ‬والمصممين‭ ‬الذين‭ ‬تعرضوا‭ ‬لهذه‭ ‬التجربة‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬أو‭ ‬منعهم‭ ‬خوفهم‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الإلهام‭ ‬لدى‭ ‬ثقافات‭ ‬أخرى‭.‬

مع‭ ‬موجة‭ ‬الانفتاح‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬المملكة،‭ ‬وظهور‭ ‬شريحة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المستهلكين‭ ‬الشباب‭ ‬ممن‭ ‬يعشقون‭ ‬الفخامة‭ ‬والصيحات‭ ‬الجديدة،‭ ‬تزداد‭ ‬احتمالات‭ ‬وقوع‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬مخالفة‭ ‬التقاليد‭ ‬الثقافية‭. ‬فاستخدام‭ ‬بعض‭ ‬الزخارف‭ ‬والطبعات‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬مدلولات‭ ‬ثقافية‭ ‬معينة‭ ‬قد‭ ‬يكلف‭ ‬العلامة‭ ‬الكثير‭. ‬وبينما‭ ‬تتهافت‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية‭ ‬العالمية‭ ‬للتركيز‭ ‬على‭ ‬المعالم‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬نيوم‭ ‬والعلا‭ ‬في‭ ‬حملاتها‭ ‬الإعلانية،‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬ترتكب‭ ‬خطأً‭ ‬بحق‭ ‬نفسها‭ ‬وبحق‭ ‬العارضات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصويرهن‭ ‬بتنانير‭ ‬قصيرة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬تمتلك‭ ‬هوية‭ ‬ثقافية‭ ‬فريدة‭ ‬مثل‭ ‬منطقة‭ ‬البلد‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬جدة‭.‬

لكن‭ ‬فرصة‭ ‬التغيير‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬موجودة‭! ‬فلطالما‭ ‬حلمتُ‭ ‬في‭ ‬طفولتي‭ ‬برؤية‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬يتأنقن‭ ‬بالعباية‭. ‬والآن،‭ ‬وبصفتي‭ ‬شابة‭ ‬سعودية‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬تحرير‭ ‬صفحات‭ ‬الموضة،‭ ‬أشعر‭ ‬بفخرٍ‭ ‬كبير‭ ‬عند‭ ‬رؤية‭ ‬تصاميم‭ ‬البشت‭ ‬ضمن‭ ‬عرض‭ ‬تشكيلة‭ ‬Peter Dundas’‭ ‬Cavalli‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬عروض‭ ‬Stephane‭ ‬Rolland’s‭ ‬من‭ ‬الأزياء‭ ‬الراقية‭. ‬أو‭ ‬عند‭ ‬مشاهدة‭ ‬علامات‭ ‬عالمية‭ ‬مثل‭ ‬Gucci‭ ‬وMANGO‭ ‬تستخدم‭ ‬قماش‭ ‬الشالكي‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬تصاميمها‭. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬أن‭ ‬تهيمن‭ ‬الموضة‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬الثقافات‭ ‬الأخرى،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬التغاضي‭ ‬حتى‭ ‬وقتٍ‭ ‬قريب‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬علاماتٍ‭ ‬عالمية‭ ‬شهيرة‭ ‬لطبعة‭ ‬الكوفية‭ ‬دون‭ ‬رقابة‭.‬

كيف‭ ‬يمكن‭ ‬إذاً‭ ‬للعلامات‭ ‬تجنب‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخطأ؟

‭ ‬أولا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استشارة‭ ‬السعوديين‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬التصاميم‭ ‬والمنتجات‭ ‬التي‭ ‬تفكر‭ ‬العلامة‭ ‬بإطلاقها‭. ‬فبعض‭ ‬الاختلافات‭ ‬الثقافية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬معرفتها‭ ‬أو‭ ‬تحديدها‭ ‬بمجرد‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬المراجع‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‭. ‬وربما‭ ‬يجهل‭ ‬الكثيرون‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬السعودة‭ ‬ترتدي‭ ‬التنورة‭ ‬القصيرة‭ ‬في‭ ‬زياراتها‭ ‬أو‭ ‬أسفارها،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬جدة‭. ‬

ثانياً،‭ ‬يمكن‭ ‬لهذه‭ ‬العلامات‭ ‬الاستعانة‭ ‬بمختصين‭ ‬في‭ ‬ثقافة‭ ‬المنطقة‭ ‬لإدارة‭ ‬فريقهم‭ ‬الإبداعي،‭ ‬سواء‭ ‬عند‭ ‬وضع‭ ‬تصميم‭ ‬أولي‭ ‬أو‭ ‬إنتاج‭ ‬محتوى‭ ‬مرئي‭ ‬مثل‭ ‬دليل‭ ‬أو‭ ‬حملة‭ ‬ترويجية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مقال‭. ‬فمن‭ ‬الضروري‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬خبراء‭ ‬مطلعين‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬العميل‭ ‬المحلي‭ ‬وطريقة‭ ‬تفكيره‭ ‬والأزياء‭ ‬التي‭ ‬يفضلها‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬تصوير‭ ‬بنات‭ ‬المدينة،‭ ‬اعتمدنا‭ ‬على‭ ‬فريق‭ ‬محلي‭ ‬بالكامل‭ ‬ليزود‭ ‬العارضات‭ ‬بمعلومات‭ ‬حول‭ ‬قواعد‭ ‬اللباس‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مدن‭ ‬المملكة‭. ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬صوراً‭ ‬مؤثرة‭ ‬وصادقة‭ ‬تعكس‭ ‬أصالة‭ ‬الثقافة‭ ‬وتجذب‭ ‬القارئ‭ ‬السعودي‭.‬

وعند‭ ‬الرغبة‭ ‬بالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬المواقع‭ ‬الأثرية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طبعة‭ ‬أو‭ ‬تصميم،‭ ‬يمكن‭ ‬استشارة‭ ‬الخبراء‭ ‬أولاً،‭ ‬حيث‭ ‬تتوفر‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬المختصة‭ ‬والمؤرخين‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬الاستعانة‭ ‬بمجلس‭ ‬الأزياء‭ ‬السعودي،‭ ‬المنظمة‭ ‬غير‭ ‬الربحية،‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬بهذه‭ ‬الجهات،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬مؤسسة‭ ‬منسوجات‭ ‬ومنظمة‭ ‬فنون‭ ‬التراث،‭ ‬حيث‭ ‬يهدف‭ ‬مجلس‭ ‬الأزياء‭ ‬السعودي‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية‭ ‬على‭ ‬الاستلهام‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬السعودية‭ ‬بصورة‭ ‬ملائمة‭.

وأخيراً،‭ ‬ليس‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬تصيد‭ ‬الأخطاء،‭ ‬بل‭ ‬تقديم‭ ‬النقد‭ ‬البناء‭ ‬للمساعدة‭ ‬على‭ ‬تفادي‭ ‬هذه‭ ‬الأخطاء‭. ‬وأتمنى‭ ‬شخصياً‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬إتاحة‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المبدعين‭ ‬لاستكشاف‭ ‬ثقافتنا‭ ‬والاستلهام‭ ‬منها‭. ‬فتفضلوا‭ ‬وأهلاً‭ ‬بكم‭.

حصة العجاجي

خبيرة‭ ‬التجميل‭ ‬السعودية‭ ‬والمؤسسة‭ ‬الشريكة‭ ‬لمتجر‭ ‬التجميل‭ ‬هان ‬،‭ ‬حصة‭ ‬العجاجي‭ ‬تتألق‭ ‬بأناقتها‭ ‬الفريدة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الزل،‭ ‬في‭ ‬الرياض‭   ‬

جوري الميمان

المدونة‭ ‬السعودية‭ ‬وصانعة‭ ‬المحتوى‭ ‬جوري‭ ‬الميمان،‭ ‬الملقبة‭ ‬بـ‭ ‬Madambluee،‭ ‬تظهر‭ ‬بتنسيق‭ ‬أنيق‭ ‬وبسيط‭ ‬بإطلالة‭ ‬خلابة‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬السويكت‭ ‬في‭ ‬الشرقية

وصال النهدي

خريجة‭ ‬معهد‭ ‬مارانغوني‭ ‬للأزياء‭ ‬في‭ ‬ميلانو،‭ ‬وصال‭ ‬النهدي،‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬البلد‭ ‬في‭ ‬جدة‭ ‬هي‭ ‬الخلفية‭ ‬الأنسب‭ ‬لتنسيقاتها‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الجرأة‭ ‬والرقي


من عدد هاربرز بازار السعودية لخريف 2021

الشعر: صالون فيوتشر، صالون براش السعودية، حصة العجاجي. المكياج: حصة العجاجي، حسناء الدخيل، بثينة الشهيل. المديرة الإبداعية: مريم مصلي. المدير الفني: لينا ملائكة. الإنتاج: سعودي يتايل كاونسل. المنتجة: سلمى بنت بندر. مساعد المنتج: رنيم الشيخ. تصوير: لينا مو. مساعد المصور: محمد جوجو

No more pages to load