
تعرفوا على أروى سالم المخرجة المشاركة في مهرجان أفلام السعودية
من طب الأسنان إلى الإخراج الإعلاني وصولًا إلى المشاركة في مهرجان أفلام السعودية، هذه هي رحلة أروى سالم…
متعة صناعة السينما، هي شغف وطموح لا يمكن تجاهله أبدًا إذا وجد لقلبك طريق. وهذه كانت بداية المخرجة أروى سالم التي بدأت حياتها المهنية كطبيبة أسنان.
متعة السعي والمحاولة من جديد، فبرغم الدراسة وممارسة المجال ألا أن أروى أدركت تمامًا وفي وقت قصير أنها على الدرب الخاطئ في مسيرتها المهنية. وهو ما دفعها إلى البحث والتعلم والسعي حتى عملت كمساعد مخرج في مسرحية كوكو شانيل للنجمة شريهان والمخرج هادي الباجوري.
ومن بعدها انطلقت مسيرتها في الإخراج الإعلاني والأفلام الدعائية للعلامات التجارية الفاخرة. ومن بعدها اتجهت إلى إخراج الفيديو كليب للعديد من فناني العرب. وها هي الآن تشارك بأول أفلامها القصيرة “1420 هجريًا” في مهرجان أفلام السعودية في أولى خطواتها نحو احتراف الفن السابع.
ما هي قصة فيلم 1420 هجريًا؟
تدور أحداث الفيلم عام 1420 هجريًا وفي مطلع الألفية الميلادية، عندما تقع الشابة ورود بين مفترق طرق نتيجة خلاف فكري معقد بين والديها في تلك الحقبة.
وعلى غرار المهرجان، التقت بازار العربية مع المخرجة أروى سالم لنتعرف عليها عن قرب
اخبرينا عن كواليس ما قبل صناعة فيلمك الأول، من الفكرة والاختيار وما كان يدور في خاطرك؟
أروى سالم: منذ مدة طويلة وأنا تراودني فكرة صناعة فيلم قصير وكانت الحيرة هل أتجه للأفلام القصيرة أم الوثائقية وبداخلي شغف لكليهما خاصة وأن كان لي طموح كبير للمشاركة بالمهرجانات الثقافية. وحين اتخذت القرار بأن الوقت قد حان لأبدأ في تنفيذ حلمي، وكنت قد اتخذت قراري بأن يكون فيلمي الأول من فئة الأفلام القصيرة، وبدأت بالاطلاع على النصوص التي عرضت علي، استبعدت الكثير.
لكن بمجرد أن اطلعت على نص 1420- الذي لم يحمل الاسم نفسه حينها- جذب انتباهي من الوهلة الأولى لأنني وجدت فيه جانبًا من حياتي وحياة جيلي وأجيال أخرى سبقتنا. 1420 ليس فيلمًا قصيرًا فحسب بل هو توثيقًا للحظة زمنية التي ألقت بظلالها على مجتمعاتنا وامتدت لأكثر من 30 عامًا، هذا من حيث الفكرة. ومن حيث العلاقة بين الشخصيات والحبكة الدرامية والجماليات رأيت أنه أستوفى عناصرها في الكتابة بشكل فني يرضيني.
مرحلة التنفيذ: كيف اختارتي أبطال 1420 هجريًا؟
أروى سالم: لم يكن الأمر سهلًا، فبعد أن شرعنا في رحلة البحث عن الأبطال أو الممثلين بشكل عام من خلال الاختبارات والمقابلات، لم نستطع أن نجد البطل المناسب أبدًا. لكن وفي لحظة أدركت أن مؤلف الفيلم قد يكون هو البطل. ومن بعد الاختبارات وجدنا أنه فعليًا متشرب للشخصية وتفاصيلها وهذا أمر طبيعي لأنه من صنعها على الورق ويعرف ما بين سطور قصتها. ومن جهة أخرى كونه عاصر هذا الجيل الذي يدور حوله الفيلم.
ما الذي ألهمك للتعمق في ديناميكيات التطرف المعقدة وتأثيرها على العلاقات الأسرية في فيلمك؟
أروى سالم: الخروج من فكرة التابوهات والخوف من مواجهة أنفسنا وأخطاءنا، فبعض الأمور التي كان يراها البعض بسيطة وغير مؤثرة صنعت أجيالًا من التعقيد والتطرف، وصراعًا حادًا داخل الأسرة، الزوج والزوجة والأبناء. فكرة التفسير الأوحد والرأي الأوحد، وكيف أن هذه الثلاثين عامًا من الانغلاق التي أسقطت على مجتمعاتنا وحركت ومنعت كل شيء وأوقفت الإبداع وعطلت قدراتنا عن مواكبة العالم وانعكست على شخصياتنا وأنفسنا التي عاصرت هذا الجيل.
كيف بدأت علاقتك بالسينما بشكل عام؟ وكيف هي علاقتك بالأفلام القصيرة؟
أروى سالم: أنا أعشق السينما والأفلام منذ نعومة أظافري وكنت مغرمة بمتابعة الأفلام القديمة العربية والأجنبية الأبيض والأسود رغم أن أقراني في حينها لم تكن تستهويهم الأفلام القديمة، أتذكر جيدًا أن إحدى عماتي أطلقت علي لقب” أروى أفلام” وكنت حينها لم أتجاوز السبع سنوات من كثرة ملاصقتي لمتابعة الأفلام في ذلك السن المبكر.
وحين حلت مرحلة دخولي الجامعة كنت أرغب التخصص لدراسة الإخراج لولا أن حالت ظروفًا دون ذلك، ناهيك عن أن الظروف في ذلك الوقت لم تكن مشجعة وداعمة كما هو معروف؛ فاتجهت لدراسة طب الاسنان وتخرجت بالفعل من هذا التخصص. وبعد التخرج وأثناء ممارستي لعملي كطبيبة أسنان بدأ مشواري في مجال الإخراج حيث التحقت بالمعهد العالي للسينما بالقاهرة لدراسة الدبلوم، وانطلقت بعدها للعمل كمساعد مخرج في عدد من الأعمال المهمة كمسرحية كوكو شانيل للفنانة الاستعراضية المبهرة شيريهان. ومن ثم الإخراج الإعلاني والأفلام الدعائية للعديد من العلامات التجارية الكبرى، وتعاونت في صنع وإخراج مقاطع فيديو موسيقية لعدد من الفنانين العرب، وصولا لإخراج فيلمي الأول 1420 الذي لن يكون سوى البداية للانطلاق في هذا المجال.
السينما السعودية بشكل عام في تطور مستمر، كيف ترين حركة تمكين المرأة التي تحدث في السعودية الآن بعد عقود من الانغلاق؟
أروى سالم: المملكة خلال العقد الأخير شهدت وتشهد نقلة نوعية بل وكمية في كافة المجالات، نقلة تعانق عنان السماء، بل خطت خطوات زمنية فارقة في وقت زمني محدود. والسينما كقطاع يأتي ضمن القطاعات التي شهدت قفزتها الكبرى، خاصة وأن صناعة السينما كان عليها الكثير من القيود كما هو معروف. بينما نشهد الآن نشاطًا دؤوبًا وحركة فنية ثقافية وسينمائية واسعة جعلت من المملكة قِبلة ليست دينية فحسب بل وثقافية للعديد من المهرجانات التي يقصدها فنانو العالم العربي والعالمي من مهرجان البحر الأحمر في جدة واليوم نحن هنا في المنطقة الشرقية وهكذا.
وطبعًا تمكين المرأة السعودية بات نموذجًا دوليًا يحتذى به في جميع المجالات، حيث اقتحمت المرآة السعودية جميع مواقع القيادة في كل القطاعات السياسية والدبلوماسية والمالية والاقتصادية والثقافية والفنية وصولًا للرحلات المكوكية للفضاء. ولم تعد هناك مهن أو قطاعات مقصورة على الرجال فقط، وطبعًا هذا يعود لرؤية القيادة السياسية للملكة وللوعي والاستعداد الشعبي والمجتمعي، وما سبقه من تأهيل للنساء بأفضل منظومة تعليمية وتدريبية.
في وجهة نظرك هل للسينما تأثير قوي على المجتمع؟
أروى سالم: طبعًا السينما تسهم في تغيير الأفكار والمعتقدات بل وحتى تصنع توجهات وتغوص في الوجدان، كما أنها تشرِح المجتمع، فتزكي الجيد وتسلط الضوء على العيوب. السينما هي الوجه الآخر للكتابة وهي التي تنقل هذه الشخوص الجامدة بتفاصيلها لتراها أمامك تتحدث وتسمع وتتحرك وتبكي وتضحك ليس في خيالك فقط بل أمام ناظريك. كما للكتاب والكتابة أهمية كبرى تأتي كذلك أهمية السينما، كما أنها بمثابة ذاكرة توثيقية فوتوغرافية ناطقة ومشاهدة لأزمان وأجيال وعالم وحياة، منها ماهو ناقل لحقبة فقط، ومنها ماهو ناقد ولكل من هذه الخطوط أهدافه ورسالته.
ما هي الأفكار والانطباعات التي ترغب أروى سالم بأن يتركها في أذهان جميع مشاهدي فيلم 1420 هجريًا؟
أروى سالم: فيلم 1420 يناقش فكرة الموسيقى وأهميتها في تشكيل الوجدان وكيف أنها قد تكون نافذة للحياة، فكما هي حالة سامية التي فقدت بصرها لكنها تعيش الحياة وتستمع بها بأذنيها فتنقلها الاغاني لتستعيد ذكرياتها وتغوص فيها وتوثق لحظاتها، كما تسلي وتطرب وتطيب نفسها.
وكيف عاشت ورود الابنة هذا الصراع بين الاختلافات الفكرية للوالدين وأدخلتها في حالة صراع مونولوجي، وحين رحلت ورود. لم يبقَ لهذا الوالد المتشدد الذي كان يدمر شرائط توثيق النغم ويرفض الغناء من ذكرى ابنته أحب شيء إلى قلبه ونفسه سوى صوتها وهي تدندن وتترنم بأغنية، لم يعد لديه إلا أن يستمع لصوتها عبر نفس آلة التسجيل التي كان يرفضها ويحطمها.
ما هي مشاريعك القادمة؟
أروى سالم: حاليًا مهتمة بالترويج لفيلم 1420 والمشاركة فيه بالمهرجان وحريصة أن يصل لأكبر قدر من الجمهور. حتى تصل رسالة الفيلم، ولأُعرف في الوسط الفني من خلاله كمخرجة سينمائية.
كما أباشر حاليًا البحث والنظر في عدد من السيناريوهات للفيلم القادم ولم أجد حتى الآن السيناريو الذي أستطيع أن أقول هذا هو، مازالت في رحلة البحث وأسال الله التوفيق.
اقرؤوا أيضًا: