الورديّ لون الحكمة والرّقّة
الورديّ لون الحكمة والرّقّة
Posted inالأشخاص

الورديّ لون الحكمة والرّقّة

محطة شهرية بقلم ريم طارق المتولي، نكون فيها على موعد مع حكاية مختلفة وسر جديد من قصص الأزياء والملابس على مر العصور والأزمنة وصولاً إلى يومنا الحالي..

لم يأتِ اختيار ألوان الملابس من فراغ، ولم يكن هذا الأمر يوماً من قبيل المصادفة. فكلّ لون دلالاته المرتبطة بالنّواحي الرّوحيّة والنّفسيّة والفكريّة. وهذا ما ترتكز عليه دور الأزياء العالميّة الّتي تطلق في كل موسم لوناً محدّداً أو عدّة ألوان تختارها بعناية، انطلاقاً من فلسفة أو فكرة معيّنة تريد إيصالها إلى المجتمع الّذي تخاطبه عبر مجموعات أزيائها الراقية.

والألوان في الحضارات القديمة ارتبطت بالعبادات والطقوس والأماكن الدّينيّة والخلود، وبالحياة الدنيويّة، فدخلت يوميّات الإنسان، سواء كانت أساسيّة كالأزرق والأحمر والأخضر والأصفر، أو فرعيّة كالبنيّ والبنفسجيّ والورديّ/ الزّهريّ؛ والّذي هو محور مقالتي اليوم.

ريم-المتولي

تصوير: كاميليا إيسالييفا ، عارضة الأزياء maenoaf@ 

من يقرأ دلالات الألوان في الفكر الصّوفيّ سيجد لّلون الورديّ دلالتين تنحصران في ارتقاء القناعة الرّوحيّة الّتي تقبل القدر الإلهيّ دونما أيّ اعتراض يذكر، وفي التّأكيد على النّفس الملهمة الّتي تسلك درب التّقوى.

أمّا في معظم المجتمعات الشّرقيّة والغربيّة الحديثة؛ فقد تمّ ربط الورديّ بالأنثى منذ ولادتها. والمعلومات تؤكد أن لويس الـ15 اهتم بهذا الّلون الّذي كانت ترتديه حبيبته، ومنذ ذلك التّاريخ بدأت حكاية البلاط الفرنسيّ مع هذا الّلون الّذي خصّصه التّايلنديّون ليوم الثّلاثاء. والكوريّون ربطوه بالثّقة، فيما اعتبره الهندوس مركز الطّاقة.

اتّخذ الّلون الورديّ اسمه من الورد أو زهرة القرنفل، وهو يدلّ على الرعاية، والاهتمام، والرومانسية، والرقة، والبراءة، والسعادة، وبمختلف درجاته الضبابيّة والكلاسيكيّة والفارسيّة والفرنسيّة، كما اتّخذته معظم الحركات التي تهتم بصحة الإنسان وحياته رمزاً لها.

ولعلّ متابعو الموضة وصيحاتها يعرفون أنّ عدّة دور أزياء عالميّة جعلت الورديّ لون معظم مواسم 2018، وتبعها في ذلك مصممّو أزياء عرب دعماً لحملة التّوعيّة بسرطان الثّدي وللمصابين به. خاصّة وأنّ هذا التّقليد شاع منذ 1991، عندما وزعت مؤسسة سوزان كومين شرائط ورديّة على المشاركين في سباق نيويورك الّذي أقيم للنّاجين من سرطان الثّدي، وبعد عامٍ تمّ اعتماد الّلون للتّوعية بهذا المرض.

صحيح أنّ المرأة الخليجيّة قديماً لم تألف الورديّ في ملابسها نظراً لاعتمادها على ألوان الطّبيعة، وعلى ما تمّ استيراده من الهند، إلّا أن أهل الشّام عرفوه، ونسجوا منه أقمشة الحرير، وطرّزت به المرأة ملابسها. واليوم جميع الفتيات والسّيّدات يفضّلن الورديّ، فيجدن فيه الهدوء والرّاحة، وفي المقابل يكسبهن الأناقة والجاذبيّة والألق.

No more pages to load