Posted inالسفر

غرناطة: لقاء العراقة بالأناقة

تقع غرناطة تحت ظلال قصر الحمراء المدرج ضمن قائمة اليونسكو، والذي يعتبر رمزًا خالدًا لآخر الممالك الإسلامية في إسبانيا وأيقونة معمارية من أبرز شواهد العالم الإسلامي المحفوظة بدقة. في هذه الجوهرة الأندلسية، تلتقي كل من العراقة والأصالة بحيوية معاصرة!

تمتزج غرناطة بسلاسة بين سحرها العتيق وحيويتها العصرية، فتتألق ملاذات البوتيكات، محال العطور، المطاعم، وبالطبع الفلامنكو، في قصور معادة التصميم، وتنبعث ملاذات أنيقة من قصور تعود لعصر الموريين. تتكشّف متاهات المدينة الآسرة عبر الساحات، الشوارع الحجرية شديدة الانحدار، والأزقة الغامضة التي تحيط قصر الحمراء، حيث تلتقي التأثيرات الإسلامية والمسيحية في احتضان معماري مذهل. إرث غرناطة الغني منقوش في كل زاوية، بدءًا من منازل التجار إلى القصور الفخمة، وقد تحول كل منها إلى تجارب أنيقة تنبض بالخصوصية. تتداخل الفسيفساء، البلاط القديم والأخشاب المنحوتة بدقة مع التصاميم الداخلية الأنيقة، لتخلق مساحات تنبض بالجمال والرقي.

قصر غران فيا ملاذ للفخامة

يعد فندق قصر غران فيا، الذي تأسس خلال العام 1905 مقابل كاتدرائية غرناطة، أحد أرقى فنادق المدينة. كان هذا الصرح التاريخي مقرًا لبنك رودريغيز أكوستا، ولا يزال الفندق يحتفظ ببعضٍ من رموزه التاريخية، من أبواب الخزائن الأصلية إلى النوافذ المطلية يدويًا، مخلداً بذلك ارتباطه بماضيه العريق.

أما اليوم، أعيد تحويل هذا المبنى إلى ملاذ بوتيكي فاخر من فئة الخمس نجوم، يضم 38 غرفة. يعرض الفندق ترميمًا لأعماله الأصلية كالبلاط، النوافذ الزجاجية الملونة وأسقف منحوتة بدقة على الطراز الأرتسونادو. تنعم الغرف بفيض من الإضاءة الطبيعية، وتفتح العديد منها على شرفات مشمسة أو مطلّة على الفناء المركزي أو على أسقف مزيّنة بلوحات جدارية تعود لقرون من الزمن.

أعلنت مجموعة فنادق بارسيلو مؤخرًا عن إطلاق فندق قصر غران فيا – رويال هايدواي، ليجلب رفاهية الخمس نجوم إلى شارع غران فيا دي كولون، الذي يقع مباشرةً قبالة الكاتدرائية. تعود ملكية هذا الملاذ الفاخر إلى عائلة بوياتوس، ويحتل الآن موقعًا متميزًا ضمن قائمة مجموعة فنادق بارسيلو، ليصبح واحدًا من أرقى أماكن الإقامة في غرناطة.

ملاذ للاسترخاء

بإمكان الضيوف الاسترخاء في السبا الفاخر، المشيّد من الطوب الأحمر بطابع حمام تقليدي والذي يضم حمامات دافئة، بركة مياه دافئة، حمامات تركية، وعلاجات متخصصة. كذلك، يمكنكِ الاستمتاع بمشروبات مبتكرة على سطح الفندق المحاط بأشجار الزيتون والنخيل، مع إطلالات آسرة على قصر الحمراء. أما المطاعم المجاورة، فتقدّم للضيوف نكهات غرناطة الأصيلة، بدءًا من لحم الإيبريكو الطري وصولاً إلى التونة المشوية.

تجسيد الأناقة العتيقة

يكمن جوهر سحر غرناطة في أحيائها التاريخية، حيث تمتزج مآذن العهد الإسلامي بأبراج الكنائس الأوروبية. تتشابك الأقواس العربية مع فنون عصر النهضة على الواجهات القديمة، مما يخلق طابعًا مميزًا يجسد رقصةً أزلية بين الحضارتين. على مسارات أزقّة حيّ البيازين، تنتشر المقاهي المفعمة بالرومانسية والأصالة، ما يجعلها تعكس حكاية المدينة بتجاربها العريقة.

نكهات غرناطة الأصيلة

غرناطة ليست فقط جنة للعين، بل هي أيضًا جنة للذوق. تعد من المدن الأيقونية في الأندلس، كونها تقدّم التاباس مجانًا مع كل مشروب، لتتحول كل جرعة إلى مغامرة مذاقية. تتميز أحياء مثل رياليخو ووسط المدينة بنبض محلي أصيل، مليء بالأماكن التقليدية مثل بارات التاباس، المتاجر الحرفية، المطاعم التي تديرها العائلات والتي تقدّم أطباق حلال، مما يجعل كل زاوية فيها مليئة بالحياة. من الجدير ذكره أن شوارع غرناطة مرصوفة بالحجارة الشديدة الانحدار وقد تكون قاسية على الأقدام، لذا تعتبر الأحذية المريحة رفيقتكِ الأمثل لاكتشاف هذه الأزقّة الساحرة والساحات المخفية.

مشهد الغروب

يتفرد فندق قصر غران فيا بميزة استثنائية في غرناطة؛ فهو يضم مطعمًا على السطح في الهواء الطلق، مخصصًا لضيوف الفندق فقط. رغم أن هذا المكان لا يعج بالحياة كأماكن أخرى في المدينة، إلا أنه يعتبر واحة هادئة تضمن إطلالة على مشاهد غرناطة الخلابة، إذ يوفّر مناظر بانورامية لأيقونات المدينة، بدءًا من قصر الحمراء وصولًا إلى أبراج الكاتدرائية العظيمة على الجانب الآخر. مع اقتراب ساعات المساء، يضيء قصر الحمراء تحت خلفية جبال سييرا نيفادا، ليتحوّل المكان إلى ملاذٍ ساحر للتأمل في جمال غرناطة من منظور لا يضاهى.

إرث قصر الحمراء

يعتبر قصر الحمراء تحفة فنية ولد من قرون من القوّة والفن، يتربّع على تلة فوق غرناطة، ضمن حضور شبه أسطوري. بني الحصن الأحمر على يد سلالة بني نصر في القرن الثالث عشر والرابع عشر، وهو نسيج متشابك من الفن الإسلامي، بأقواسه المتقنة، ستائره المزخرفة، وبرك المياه التي تعكس الأفق بروحانية عميقة. أصبح قصر الحمراء رمزًا لازدهار العظمة المورية قبل أن تستعيد القوات المسيحية السيطرة على البلاد. على مرّ الزمن، شهد القصر نهوض وسقوط الإمبراطوريات، لكن جدرانه تروي حتى اليوم حكايات الشعراء والسلاطين، وسحر أحلام الأندلس الخالدة.

مع اقتراب لحظة المغادرة، تكتشفين أن سحر غرناطة تسلّل إلى روحكِ وتترككِ على يقين بأنكِ ستعودين لاستكشاف أسرارها والاستماع إلى حكاياتها المتجددة، لأن زواياها الخفية تنتظركِ بشوق!

اقرؤوا أيضًا:

No more pages to load