
نجمة غلاف بازار: تارا عماد تحدثنا عن الحظ والشهرة والبحث عن السعادة
هل تعرفون تارا عماد بشكلٍ كافٍ؟ رحلة مع نجمة مصر المتميزة للتعرف على تجربتها مع التنمر وكيف عثرت على طريقها الخاص نحو السعادة
عادةً ما يعمل المحرر المسؤول عن إجراء المقابلة على صياغة جملٍ منمّقةٍ تتغنى بحضور وحكمة الشخصية التي يقابلها. لكن في مقابلتي مع تارا عماد، لم أكن بحاجة للتحضير المسبق، لأن هذه الجمل والمزايا تنساب تلقائياً بمنتهى العفوية. تتميز تارا بجمالٍ أخاذ وذكاء حاد، مع جاذبيةٍ استثنائية تجعلها محبوبةً من قبل الجميع. وتجمع الممثلة المصرية الأوروبية عدداً من عوامل النجاح التي تجعلها متألقةً تلفت انتباه معظم المتواجدين في المطعم الذي التقينا فيه، حتى الذين لا يعرفون أنها شخصية فنية مشهورة.

وطبعاً كان هناك الكثير من معجبيها الذين سارعوا لإلقاء التحية عليها، ولم تفارق الابتسامة وجه تارا طوال الوقت. وقالت ضاحكةً: “في البداية كنتُ أستغرب نظرات الناس إليّ في الشارع؛ لكنّ مع الوقت، تعلّمتُ كيف أتعامل مع الشهرة. ويسعدني عندما يأتي أحدهم ليلقي عليّ التحية”.
لمع نجم تارا، التي تحوّلت من عرض الأزياء إلى التمثيل، في سنٍ مبكرة وشاركت في عدد من المسلسلات المميزة مثل صاحب السعادة، ولمعي القط، ومسلسل سوتس بالعربي الذي حقق ضجةً كبيرةً العام الماضي، حيث لعبت دور ميجان ميركل في النسخة الأصلية.
وتُحدّثنا عن تجربتها هذه قائلةً: “كان كلّ شيءٍ مذهلاً، الممثلون وطاقم العمل؛ وكنت متأثرةً بحضور كلّ فردٍ منهم، وكانت درجة الانسجام بيننا عالية وأتمنى أن ينعكس ذلك على الشاشة. فهذا هو الدور الذي كنت أحلم به”. وكانت النقلة النوعية في حياتها المهنية في سن الرابعة عشرة حين دفعتها والدتها للذهاب إلى تجربة أداءٍ أخيرة على الرغم من قرارها بالتخلي عن التمثيل بعد عدّة محاولاتٍ لم تتكلل بالنجاح. وكانت تجربة الأداء لمسلسل الجامعة، الذي شكّل بداية دخولها عالم الفن: “كان دوري صغيراً، لكنّه كان مميزاً ومنح الكثيرين فرصة التعرف على موهبتي. وبعد ذلك شاركتُ في مسلسلٍ آخر، لكن تركيزي حينها كان لايزال على عرض الأزياء. وفي العشرين من عمري، شعرتُ أن التمثيل لم يكن المجال المناسب لي فعلاً”. انتقلت تارا بعدها إلى باريس لتتابع عملها في عرض الأزياء. وتقول ضاحكةً: “تلقيت مكاملةً من والدتي لتقول لي بحماس أني حصلت على دورٍ في مسلسل. لكنّي أجبتها أنني لا أملك وقتاً لذلك”. وأضافت وعيناها تبرقان وهي تتذكر ما حصل: “كان من المفترض أن أوقّع عقد عملٍ لعرض أزياء في اليوم التالي، وكان عقداً صارماً جداً. وقالت والدتي أنّ الممثل يريد أن يتصل بي.
وكان الممثل هو محمد إمام، ابن عادل إمام”. وأكملت ضاحكة: “وقال لي محمد: مرحبا تارا، أين أنت؟ فأجبته أني في باريس. وقال لي: سنبدأ تصوير المسلسل خلال يومين ونحتاجك معنا، تعالي اليوم. فسألته: إلى أين سآتي؟ لست في متجرٍ يُدعى باريس، أنا في باريس بفرنسا”. لكنّ ما حصل كان يشابه الأفلام، حيث وضّبت تارا حقائبها وتوجّهت عائدةً إلى القاهرة. “كان هنالك إضرابٌ، ولم أجد أي سيارات أجرة. ولذلك صعدتُ في قطار لكنّه توقّف في منتصف الطريق. وكنت أجري في الشارع أحاول اللحاق بطائرتي. ووجدني شابٌ في المطار، قادني إلى الطائرة، وأنقذني في اللحظة الأخيرة. دائماً ما أحاول أن أجده كلّما عدتُ، ولم أنجح في ذلك بعد. وتقول لي أمي أنه غير موجود، بل كان ملاكي الحارس فحسب”. ويلعب الحظ دوراً كبيراً في قصتها هذه، أو كما يمكن القول أنه مسار حياتها الذي لا بد أن يحدث. لكن لا تبدو تارا ممن يعتمد على الحظ بالضرورة، بل تؤمن بأهمية السعي والمثابرة للتقدّم في اتجاه تحقيق الأحلام. “أخبرتني صديقتي مؤخراً أنني شخص مثابر ومجتهد، وكتبت لي ملاحظةً مميزةً عن ذلك في عيد ميلادي”.
ولم يكن التمثيل المجالَ الوحيد الذي بذلت فيه تارا جهداً ملحوظاً، فهي تتحدث بصراحةٍ وعفويةً عن تجاربها في مجال العلاج النفسي، وعن أهمية هذا النوع من العلاج في تغيير حياة الآخرين. “أعتقد أنّ العلاج بوابةٌ نحو تغييرٍ مذهلٍ يجب أن يمرّ الجميع من خلالها، لأنه يساعدنا على التحول إلى أشخاص أكثر سعادة، وعلى فهم تجاربنا السابقة بشكل أفضل، وفي التعامل مع علاقاتنا الحالية والمستقبلية. كما يساعدنا على مستوى العائلة والمستوى الشخصي، ويمنحنا فرصة تعلم أساليب جديدة في التعامل مع الحياة. وهذا ما كنت أسعى إليه، أن أعمل على تحسن وتطوير نفسي. ويحمل كل شخص منا جوانب سلبيةً أو قاتمةً في شخصيته، وهذا أمرٌ طبيعي بالكامل؛ لكن من الضروري معرفة كيفية التخلص من هذه الجوانب وفهم ما يحصل معنا لكن دون السماح لهذه المشاعر بالتأثير علينا، وهذا ما تعلّمته من العلاج. كلّ ما أردته أن أحظى بحياةٍ أفضل”.

وسألناها إن كان الدافع لحصولها على العلاج النفسي هو التنمّر، الموضوع الذي خصصت له بودكاست متميز في عام 2020. وأجابتنا: “لقد كان موضوعاً أساسياً تحدّثتُ عنه. لكنّ مثابرتي لتطوير نفسي لم تكن بسبب التنمّر فحسب، بل تعود إلى مجموعةٍ من الأسباب والعوامل، حيث اكتشفت معنى أن أحبّ نفسي بصدق، ووجدت مصدر هذه المحبة. ولذلك تغيرت نظرتي إلى نفسي بشكل كامل.
عندما أنظر في المرآة، أتساءل ما هي مشاعري تجاه نفسي؟ هل أكره الشخصُ الذي أنا عليه؟ هل أكره أفعاله؟ هل أكره مظهره؟ أم أنني أتصرّف بطيبةٍ وتعاطف تجعلان مني شخصاً سعيداً؟ وفي هذه الحالة، هل تأتي السعادة كنتيجةٍ طبيعية؟ تفكّر تارا في السؤال لدقيقةٍ واحدة وهي تنظر بعيداً. “لا أعتقد أن ذلك أمرٌ طبيعي. وأنا على يقين بأن الشعور بالسعادة والتصرف بإيجابية تجاه الحياة عند التعرّض لأزمةٍ ما، ما هو إلا نتيجةُ جهدٍ وعمل مستمر. ونكتشف مع الأيام أن السعادة شعور ينبع من داخلنا ولا علاقة له بالعوامل الخارجية. وعلينا أن نسعى للوصول إلى هذا الشعور الإيجابي بالرضا عن النفس والحفاظ عليه”.
وبالنسبة لعمرها الصغير نسبياً، والذي يبلغ 29 عاماً، تمتلك تارا فهماً عميقاً للتساؤلات الجوهرية في الحياة. ويعود الفضل في ذلك إلى والدتها إلى جانب العلاج النفسي الذي خضعت له. تبتسم تارا بين وقت وآخر وهي تستعرض لنا بفخر صوراً لاستوديو الديكور المنزلي الخاص بوالدتها: “لطالما كانت والدتي مهتمة بالتعرف على طبيعة المشاعر والدوافع الإنسانية وشجعتني على القراءة والتعلّم وعدم التوقّف عن طلب المعرفة، ودفعتني للمشاركة في ورشات عملٍ جديدة. وللتسجيل في دورات الرقص والغناء والموسيقى وغيرها الكثير.

وعندما ذهبتُ إلى دروس الناي فشلت فشلاً ذريعاً، وأُغمي علي لمدة 15 دقيقة في المرات الثلاث التي حضرت فيها التدريب”. ومن المؤكد أن الفشل عاملٌ أساسي في تحقيق السعادة، لأن التحديات والصعوبات تزيد من متعة النجاح وتحقيق الأهداف وتقول تارا: “الحياة ليست مثاليةً، بل مليئةٌ بالنجاحات والخيبات التي علينا أن نتأقلم معها ونسخّرها لمصلحتنا. وأشارككم أحد اقتباساتي المفضلة: (لا تترك الحياة تتحكم بك، بل حاول توجيهها لمصلحتك)”.
إذاً، ما الذي تسعى تارا للوصول إليه في خطوتها التالية، وإلى أين ستوجّه حياتها؟ “أسعى للمشاركة في الأفلام والمسلسلات العالمية وتعزيز حضور المرأة العربية في هوليوود حيث يقلّ تواجد النجمات العربيات. وانتهيت للتو من تصوير فيلمين أشعر بالحماس لإطلاقهما، أحدهما مع رامز جلال والآخر ألعب فيه دور طبيبة نفسية مثقفة ومجتهدة وطموحة”. وتبدو هذه الأدوار الجديدة مستوحاة من الحياة الواقعية.
“أخبرتني صديقتي مؤخراً أنني شخص مثابر ومجتهد “أعتقد أنّ العلاج بوابةٌ نحو تغييرٍ مذهلٍ يجب أن يمرّ الجميع من خلالها” “تغيرت نظرتي إلى نفسي بشكل كامل. عندما أنظر في المرآة، أتساءل ما هي مشاعري تجاه نفسي؟ هل أكره الشخصُ الذي أنا عليه؟ هل أكره أفعاله؟ هل أكره مظهره؟ أم أنني أتصرّف بطيبةٍ وتعاطف. – تارا عماد
المدير الفني: أوسكار يانيز إنتاج: ستيف هوكر. تصفيف شعر: دينا العويد. مكياج: مانو لوسادا جوميز. مساعد تصوير: آنا كاجانوفيتش. مساعدي خبير الأزياء: كريستينا بوركا ودارا غاندي