Posted inهاربرز بازار أخبار

روضة محمد على غلاف هاربرز بازار السعودية لعدد شتاء 2024

صارمة قوية ونجمة الغلاف

قد يكون الرفض لطفلة ذات 8 سنوات من عمرها سببًا لتهشيم قلبها وكسر خاطرها، لكن عوضًا عن ذلك، أكسبها التنافر شجاعة وغمر قلبها بالتحدي. فعندما انتقلت عارضة الأزياء روضة محمد من الصومال إلى بلدة صغيرة بالنرويج، لم تتسع ذراع الوطن الجديد لاحتضانها، لكنها رفضت الاستسلام. وتستهل روضة الحديث: “لم يتقبل الجميع آنذاك ماهيتي، وواجهت الكثير من العنصرية”.

وتستكمل بنفس رحابة عند استرجاعها تلك الأيام: “لأن الجميع كره كينونتي، كان لا بد أن أحبها أنا وأدافع عنها. لذلك بقيت دائمًا متصلة بجذوري، وبرغم محاولتهم المستميتة لاستئصال الوطن من قلبي، قاومت بعزم حتى ينمو حبه بداخلي”. ومن هنا فصاعدًا، قررت أن تنغمر في ثقافتها أكثر وترتدي الحجاب لتجذر هويتها أكثر. وتستذكر: “عندما كنت في الصومال، كنت أرتديه تارة وأنزعه تارة أخرى، فقد كان رمز القوة عندما تمتلكني رغبة الشعور بالنضج تيمنًا بأختي الكبرى، لكن لم يكن أبدًا الحجاب إلزاميًا في عمر الثامنة”.

قد يصعب تصديق أن فتاة صغيرة في هذا العمر تمتلك هذا القدر الهائل من الشجاعة، لكن روضة تؤكد أن هذه ليست رواية أسطورية بل شخصيتها الحقيقية، وتصرح: “رباني والداي على الافتخار بمهيتي وجنسيتي لأنهم بكل بساطة ليسوا وصمة عار. وأخبرتني والدتي دائمًا أنها نرويجية ولهم ثقافتهم الخاصة، وأنا صومالية ولدي ثقافتي الخاصة”.

وكلما اشتد طيار الرفض، كلما فشا شعور الشموخ. وتخبرنا روضة في سطور معدودة عن فترة عسيرة أثبتت فيها أنها ليست مجرد وجه جميل، بل شخصية واعية ناضجة نجحت في إحالة العناء إلى تألق: “عندما تكثر الكراهية من حولي، أجلس لثانية وأفكر مع نفسي: هل بالفعل الحجاب هو السبب؟ لأجد أن إزالته من على رأسي لن تغير شيئًا، لأن من بعده سيركزون على بشرتي السمراء. وهنا أدركت فعليًا أن المشكلة لا تكمن في هويتي بل في أنفسهم. فدائمًا ما شاهدت الناس في خيام لاجئي غامبيا يتعرضون للعنصرية، رغم عدم ارتداء النساء هناك للحجاب. ولم يسلم أيضًا الرجال”.

يقولون إن التعلم في الصغر كالنقش على الحجر، وهذا فعليًا ما شكل شخصية روضة وأكسبها صفات الصمود والقوة. وبعد مرور 34 عامًا، نعرفها بأنها الناشطة، والمناصرة لحقوق المجتمع، وإحدى مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، وبالطبع نجمة غلاف هاربرز بازار السعودية.

ومن العسر إلى اليسر، فقد برعت روضة في أن تصبح بطلة حولت حلمها إلى حقيقة بفضل أسرتها. وتقص علينا ببسمة عريضة على وجهها: “الأمل والروح الطيبة هما ما ميز أفراد عائلتي، فحياتي المشؤومة خارج جدران المنزل كانت تتحول إلى جنة عند العودة إلى أحضان أمي وأبي حيث أتلقى كل الحب والدعم. ولأننا كنا أسرة سعيدة، كانت المناسبات لدينا مستمرة دون انقطاع. وكان مسموح ارتداء ما يحلو لي، لذلك كانت لدي فرصة دائمة في ممارسة ما أحبه والتنوع في اختياراتي للظهور بأجمل حلة”.

وتستكمل: “شكل والداي الدرع الحامي والدافع المستميت، وكانوا مصدر التشجيع الوحيد ولم يشكلوا أي عقبة في طريقي. وهو ما جعلني أترعرع على فكرة أنه لا وجود للمستحيل ولا العراقيل وأن لا حدود لطموحي. فيمكنني أن أصبح الشخص الذي أتطلع إليه بقرار نابع من داخلي. وعندما كنا نجلس لنتابع نشرات هيئة الإذاعة البريطانية أو البرامج الحوارية، كانوا دائمًا يشجعون الناس للتعبير عن أنفسهم ومناصرة حقوقهم، وهو الأمر الذي جعلني دائمًا متفائلة بالغد. ولم أخف من أن تصاحبني الكراهية التي أتلقاها طوال حياتي، فلطالما كنت على اقتناع تام بأن العالم أكبر من ذلك بكثير، وفيه يمكنني أن أبتكر محيطًا خاصًا يناسبني تمامًا كما فعل والداي. وعندما كبرت، لم أفكر جديًا في الدخول لعالم الأزياء لأنه لم يكن ليناسبني. لكنني أردت فقط أن أنشر من خلاله الثقافة الأفريقية مع العالم، لكن لم أحب أن يكون اسمي جزءًا منه”.

وتصرح الناشطة بكل جرأة: “لم أتصفح مجلات الموضة أبدًا، فالانتقال من صفحة لأخرى لمشاهدة فتيات صغيرات من البشرة البيضاء يرتدين ملابس فخمة كان بمثابة مضيعة للوقت بالنسبة لي”. لكن لكل قاعدة استثناء، فمع ذلك أحببت بعض الوجوه وتابعتهم باهتمام، وتخبرنا في ذلك: “أحب جريس جونس، وإيمان، اللتين تزامنت فترة نجوميتهما في الثمانينيات قبل أن يكون لي وجود في هذا العالم الذي استقبلني في نفس الوقت الذي سلطت فيه الأنظار على عارضات أوربيات صغيرات بجسم نحيف يرتدين سان لوران، وهو الأمر الذي لم يثر يومًا إعجابي أو حتى اهتمامي”.

عندما سألناها هل يكترث عالم الموضة للسمات الشكلية فقط، وافقت بشكل قاطع ولم تتردد للحظة في أن تخبرنا: “عندما كنت في سن المراهقة، لو كان هناك عارضات يشبهنني على صفحات المجلات، كان يمكن أن أنخرط في هذا العالم في سن أصغر بكثير، وكنت سأحبه بالفعل دون هذا البغض الموجود بداخلي تجاهه. لكن علي أن أعترف أيضًا أن هذا العالم تغير للأفضل، فالآن أصبحت الإنسانية جزءًا لا يتجزأ من الأزياء التي باتت تهتم بالتسامح والإنسانية والصحة النفسية، وهذا ما لم يكن موجودًا عندما كنت في سن 14 و15 عامًا. لكنه يحدث الآن ويعيد هيكلة كل شيء من جديد”.

لأنها نشأت في الغرب، كانت تبحث دائمًا عن مصدر إلهام تستشعر فيه أصلها، وتحدثت قائلة: “ثقافة الغرب لا تشبه أفريقيا، لكن وجدت نفحات الوطن في أناس يشبهوني، وهم الأمريكيون الأفارقة”. تمتلك روضة ستة أشقاء: خمسة يكبرونها سنًا وواحدًا فقط يصغرها. وعلى ذكرهم، تقول: “يحبون موسيقى الهيب هوب، وكنت أشاهد معهم الأفلام والمسلسلات مثل ‘ذا فريش برينس أوف بيل إير’ على مدار نشأتي، وهو الأمر الذي أبقاني متصلة بأصحاب البشرة السمراء. وكنت أشاهد أيضًا المسلسلات المصرية خلال شهر رمضان المبارك لأنهم مسلمون وأيضًا مسلين”.

وبالنظر إلى نشأتها، نتأكد أن حبها لمجال الصحة العامة هو أمر محتوم: “كان لدي اقتناع تام أن العلوم أو الطب هو السبيل الوحيد لتطوير المجتمع”. لكن كان للقدر رأي آخر وأدخلها في عالم مختلف تمامًا.

وعلى عكس الجميع، من الصعب دخول عالم الموضة بعد بلوغ 28 عامًا، لكن روضة مميزة في كل شيء. فمع لمساتها الخاصة في تنسيق الأزياء، وقدرتها على التعبير عن أفكارها الإبداعية من خلال مظهرها الخارجي، اقتحمت المهنة وحفرت لنفسها مكانة بارزة، وتشاركنا: “التألق للعمل لم يكن أبدًا رفاهية بالنسبة لي، فقد أحببت ذلك دائمًا”. وهذا ما شجعها منذ 2018 على تدوين إطلالتها يوميًا عبر منصة إنستغرام. وفي إحدى أيام أسبوع الموضة في أوسلو، التقطت عدسات الكاميرات هناك إطلالتها بينما كانت تتناول وجبة الغداء مع الأصدقاء. تقول: “صارخت بهم عاليًا، ليس لديكم أي حق في التصوير بدون أذني. أعتقدت أنني أتعرض للمضايقة لأن تصوير أزياء الشارع لم يكن بالأمر الرائج وقتها، لكنهم عرضوا علي الفكرة وقتها، لكنني لم أقتنع بها. لذلك أخبرني المصور أنك تبدين أنيقة وأنك تستحقين حضور عروض الأزياء، واقتنعت من بعدها، ومسؤولوا العلاقات العامة أدخلوني بكل سهولة”. وهو الأمر الذي عرف عدسات الكاميرا أكثر على صورها التي انتشرت بسرعة النار في الهشيم على الإنترنت.

تقدير الذات، وضع الحدود، كانوا الركيزة الأساسية لتضع أهدافها من عالم الموضة نصب أعينها بكل سهولة. وتستكمل الحوار: “أتفهم تمامًا لماذا يعتبر هذا العالم غاية في الصعوبة على الفتيات الصغيرات، خصوصًا عند الحديث عن أنفسهن أو ما يمررن به. فعندما أقارن نفسي الحالية وعندما كنت في 19 من عمري، فأنا شخصية مختلفة تمامًا. فمع مرور السنوات، اكتسبت الخبرة. ولأن كان لدي مسيرة مهنية قبل دخولي عالم الموضة، أتمتع بالاحترافية الكافية التي تمكنني من تنصيب حدود، ورفض ما لا يناسبني بكل سهولة. وهذا ما يضع على عاتقي مسؤولية أكبر كوني عارضة، محجبة، صاحبة بشرة سمراء، وذات عمر ليس بشاب بالنسبة للسن الشائع في المجال. فأنا أدافع عن كل من يمتلكن هذه الصفات، ولا أخشى لئمة لائم، لأن باختصار يمكنني العودة لمهنتي الأصلية ومجال دراستي، وإذا أغلقت الموضة أبوابها في وجهي، لدي الكثير من الأبواب الأخرى التي تنتظرني. وأضع دائمًا في الحسبان عودتي للوطن، وأن أصبح الخالة أو العمة التي تحمي الجيل الصاعد وتوفر لهم مناخًا آمنًا. فمعاملة مخضرمين عالم الأزياء تختلف كليًا عن المبتدئين. لذلك أحرص على أن أكون دائمًا السند والداعم للفتيات الصغيرات ليشعرن بالطمأنينة ولا يقعن ضحية للاستغلال”. ناهيك عن صفاتها الحميدة كلها، لأنها نقطة في بحر شعورها بالأمومة والمسؤولية تجاه كل فتاة صغيرة مستجدة في المجال، وتعرب: “حالما ألتقي بفتاة في سن الـ 15 أو 16 عامًا، تنفجر بداخلي مشاعر الأمومة، فأعرض عليها بعض المقرمشات ونبدأ الدردشة، لأنها بالنسبة لي فتاة بعمر ابنتي، الفارق بيننا 8 سنوات لا أكثر!”.

هل الحقوقية والتفكير الناضج والبحث عن هدف سامي أمورٌ أجبرت عليها؟ تجيب روضة: “أبدًا، فلطالما نشأت هذه الدوافع بداخلي بشكل طبيعي، لكن أنماها كوني لاجئة وامرأة ومحجبة من أقلية. كل ذلك جعل العالم ينظر إلي بشكل مختلف. في حياتي، هناك الكثير من السلبيات، لذلك إذا أعطتني الحياة منصة ليصل صوتي للعالم، سأستثمرها بكل طاقتي لاستعراض كيف يُعامل الناس مجتمعات الأقليات. ففي سنواتي الأولى تلقيت كمًا هائلًا من الرفض وكنت في أمس الحاجة لمن يدافع عني. وبالرغم من أن الساسة يتحدثون عنا في الكثير من الأحيان، لكنهم لا يتخذون إجراءات فعلية على أرض الواقع. فهم يستعرضون الإطار العام دون ذكر التفاصيل أو البحث عن حلول. لذلك عندما سلط علي الضوء، كان لا بد أن أستغله ليحقق فوائد فعلية. وكلما زاد عدد متابعيني، كلما علا صوتي أكثر واستفضت في الحديث. فكل كلامي مدروس وعن علم بكل ما يمر به مجتمعي من أزمات”.

لم يمر قرار منع الحجاب في فرنسا مرور الكرام، بل كانت القشة التي أثارت حفيظة متابعيها، وتستنكر روضة: “كنت في باريس، وكنت قد انتهيت للتو من محاولة مستميتة لإقناع العملاء بضرورة إدخال العارضات المحجبات إلى العالم بقوة، وأن عروض الأزياء في الوقت الحالي لا بد أن تمتلك محجبات على الممشى لأنه جزء لا يتجزأ من المجتمع العالمي الآن. وبالفعل، بعد أن اقتنعوا وباتوا يؤمنون بأهمية تمثيل الحجاب في الموضة، جاء القرار ليكون سببًا في توتر المفاهيم وإثارة الضجة. وهنا يجب أن لا نتجاهل أبدًا مدى التأثير السياسي السلبي على عالم الأعمال. فالسياسة تتهم دائمًا المهاجرين أمثالي بالتكاسل والعزوف عن العمل في نفس الوقت الذي أجول فيه العالم لأبني المرحلة الجديدة لعالم الأزياء بالرغم من هدمهم المستمر”. وتستكمل: “كل ما خطر ببالي وقتها هو أن ألتقط سيلفي وأكتب: ‘اعرضوا عن حجابي’. وأغلقت هاتفي لاستلام ابنتي من المدرسة”. لكنها لم تتخيل أن تفتح هاتفها مرة أخرى على كم هائل من الرسائل بعد أن تداول رواد وسائل التواصل الاجتماعي صورتها، لتكون بداية حركة حقوقية ذات صدى واسع، ليكون لروضة جيش كامل يدافع عنها.

ومن العداوة ما ينالك نفعه، فطريقة معاملة السياسيين لمجتمعها جعلتها أكثر لطفًا مع العاملين في مجال الأزياء. وجعلها تتمسك أكثر بحجابها وتحرص على أن يظهر دائمًا بأجمل صورة. لكن هل يساعدها منسقو الأزياء وخبراء المظهر في الأمر؟ تجيب روضة: “حتى الآن، الكثير منهم لا يدركون كيف يتعاملون معه. لكن في النهاية يتعرفون عليه، فمعظمهم ذو عقول متفتحة ويرغبون في تعلم التعامل مع شيء جديد. فحين نبدأ العمل، كل ما يقومون به دون كثرة أسئلة هو تنسيق أقمشة مع الملابس لأرتديها محجبة”.

وتستكمل: “الآن لا أفكر في تقبله، بل أرغب بشدة أن يتعرف منسقو الأزياء على الحجاب للدرجة التي تجعلهم يتمكنون من تغيير لفته وشكله، فأنا أعتقد أنها ستكون تجربة تعليمية رائعة. فللحجاب أشكال كثيرة، حتى أنا لم أتعلمها كلها حتى الآن. فإذا ذهبت إلى إندونيسيا، سترى طريقة مختلفة تمامًا لارتداء الحجاب مقارنة بأي بلد آخر، وأيضًا لكل وجه طريقة حجاب تناسبه، تمامًا كالمكياج ولون البشرة، وهذا ما أأمل أن يطلع عليه عالم الموضة قريبًا”.

باتت صاحبة بصمة خاصة، فتنسيقها للأزياء فريد من نوعه. حيث الخزانة ذات الألوان الزاهية والحيوية مع لمسات أفريقية قوية. وبشكل ما، نجحت وسط هذا الصخب أن تجد للبساطة الإسكندنافية مكانًا. وعند حديثها عن العلامات التجارية: “أحب التعاون مع الجميع. فليس عادلًا الاعتماد على علامة تجارية واحدة. وأحب إعادة استخدام وتنسيق القطع الجديدة مع ما أمتلكه في الخزانة”. وتستكمل: “بالنسبة للأزياء الراقية، أحب الدور اللبنانية، خصوصًا إذا كانت وجهتي السجادة الحمراء، لأن المصممين اللبنانيين بارعين في فهم جسم المرأة وما يلائمها. أحب جورج حبيقة. أما الملابس الجاهزة، فأحب روبرت وون، هولزويلر، دولتشي آند غابانا. أما الأزياء الكلاسيكية الفاخرة، فأرتديها من جيفنشي وسان لوران، والعلامات الإسكندنافية. أرتدي أيضًا الكثير من الأسماء الدنماركية”. تخبرنا روضة كل ذلك مؤكدة أن أناقة الاحتشام تكمن في فهم كيفية تنسيق الطبقات واختيار أحجام الملابس المناسبة لشكل الجسم.

الانتقادات بالنسبة لها أصوات من سراب، فلم تلتقِ أبدًا بجميع منتقديها، لكنها تسمع أصواتهم من خلف الشاشات والرسائل. حتى تهديدات القتل التي تصلها من حين لآخر جميعها مجهولة المرسل. كل هذا لا ينفي وجود الداعمين والمعجبين، وتقول روضة في ذلك: “من المهم التركيز على المحبين والداعمين لأنهم من يجعلونك تؤمنين من جديد وتستكملين الطريق. فهم من يؤمنون بقضيتي بينما يحاول الآخرون محو صوتي للأبد. لكن من داخلي أصدق بشدة أن هناك دائمًا أشخاص يقاومونك بما أوتوا من قوة، وهم يجهلون من أنت، وهم ليسوا بغرباء بل هم مسؤولون العلاقات العامة الذين ينحونك جانبًا بكل بساطة. ومع ذلك أركز على النصف الممتلئ من الكوب، وهم فريقي الذي يقاتل من أجلي في الاجتماعات التي لا أحضرها. والمصورون الذين يرحبون بالعمل معي ويقدمون لي العروض باستمرار. فأنا لدي الكثير من المشجعين والداعمين”.

هذه القدوة الملهمة قطعت شوطًا طويلًا وكذلك المجتمع ككل. وتتحدث بأسى عن حلمها الذي بات حقيقة عندما أصبحت ولأول مرة فتاة الغلاف: “في مراهقتي، لم أجد حتى وظيفة في متاجر الأزياء بسبب الحجاب، وكانوا يظنون أنني سأخيف الزبائن”. لكن أشرقت زهرتها من جديد عندما تطرقت للحديث عن خوض تجربة السجادة الحمراء، وتعيينها كوجه إعلامي لسيفورا، وتلقيها عروضًا من العديد من العلامات التجارية منذ أن أصبحت تحت الأضواء منذ ست سنوات فقط.

تؤكد روضة أنها لم تكن ضربة حظ، بل كان التوقيت الصائب، وتوضح: “لم تكن الأزياء مستعدة لهذا التغيير قبل عشر سنوات. لم أكن لأستطيع القيام بذلك عندما كنت في العشرين من عمري. أعتقد أنني دخلت المجال في الوقت المناسب. ويعني لي الكثير أن أكون جزءًا من هذا التغيير، والذي تسبب فيه ثروات الشرق الأوسط. فهناك الكثير من العلامات العنصرية التي كرهت العمل معي، وأنا على يقين تام بكرههم للمسلمين، لكنهم في الوقت نفسه يرغبون في التمتع بالمال العربي. أحب رؤية ذلك، لأنهم مجبرون على التكيف مع الشرق الأوسط. إن رؤية العرب يحملون هذه القوة على الرأسماليين الغربيين يفرحني، وأحب ذلك. أيضًا، الجيل الجديد الذي يعمل في هذه الأماكن أكثر حساسية ثقافيًا. هم يفهمون الطبقات، ويفهمون الديناميكيات. في باريس سابقًا، كانوا يملكون قائمة واحدة للشرق الأوسط. لم يكن يهم إذا كنت كويتية أو إماراتية أو من أي مكان، كانت مجرد قائمة للشرق الأوسط. لكن الآن، هناك قائمة للكويت. قائمة للسعودية. قائمة للإمارات. هم يفهمون ذلك بشكل أفضل، لأنهم مضطرون لذلك. وأحب رؤية هذا التحول في القوة”.

بالحديث عن الشرق الأوسط، نستذكر معًا جزء طفولتها هناك، في المكان الذي يُطلق عليه “العالم الثالث”، وبرغم أنها أصبحت أمًا في عمر 23 عامًا، أي منذ وقت بعيد قليلًا، لكنها تتذكر طفولتها بدقة وتؤكد أنها لم تشعر أبدًا بالارتباك حول هويتها وتخبرنا: “لقد نظرت دائمًا إلى نشأتي متعددة الأوطان كجزء من هويتي. لطالما نظرت إليها كتجربة غنية. لم يكن الأمر محيرًا بالنسبة لي. أعتقد أنني كنت دائمًا واثقة من هويتي كفرد. لطالما اعتبرت أن وجود جميع هذه الهويات المختلفة يجعل حياتي أغنى. وهذا يعني أيضًا أنك تستطيع التواصل مع الكثير من الناس الآخرين. أستطيع أن أتواصل مع المسلمين، ومع النساء، ومع الأمهات، ومع أصحاب البشرة السمراء. إذا ذهبت إلى دبي، سأجد لدي الكثير من القواسم المشتركة مع العرب أكثر من باقي زملائي. فقد أصبحت فعلًا عالمية وأحب ذلك ولا أرغب في التخلص من هذه الصفة أبدًا”.

تعمل روضة حاليًا على البودكاست المرئي الخاص بها في موسمه الثاني، حيث تستضيف أيقونات عالم الأزياء أمثال إيمان وحليمة. فقد نجحت الناشطة القوية في أن تجد منصة جديدة لإيصال صوتها عاليًا لتخضع العالم للاستماع. وهو ما يجعلها في حالة مستمرة من تحقيق حلم تلو الآخر. وهنا يستوقفنا السؤال: ما هي النصيحة التي قد تقدمها لنفسها في سن الثامنة؟ لتختتم حوارها: “فقط انتظري حتى تكبري. فالحياة مثيرة. وستظل مثيرة. لطالما صاحب الاطمئنان قلبك”.

من عدد هاربرز بازار السعودية لشتاء 2024

No more pages to load