ممثلة وعارضة وملهمة:نجم سلمى أبو ضيف يتلألأ عالياً
التوفيق. المصادفة. الحظ..
قد تكون تلك هي الأبواب التي دخلت منها سلمى أبو ضيف عالم عروض الأزياء لأول مرة منذ حوالي عشر سنوات، حين كانت لا تزال الطالبة ذات الاثنين والعشرين عاماً بجامعة مصر، والمهووسة بصيحات الموضة.
وعلقت المصرية أبو ضيف على ذلك بصراحة: “أنا لم أختر أن أكون عارضة وممثلة، مهنتي هي التي اختارتني” لكنها لم تواصل طريقها وتزدهر الآن على الشاشات وفي أذهاننا كنجمة شاشة فضية حقيقية معتمدة على الحظ فقط.
وعلى الرغم من تأكيد خريجة الإعلام أنه لم يكن لديها خطة كبيرة لدخول الوَسَط، كان واضح أنها مستعدة للأضواء منذ البداية. “أخبرتني أمي أنه حين كان عمري حوالي ثلاث سنوات، كنت أقلد الناس من حولي – جدي وأعمامي والجميع. لكنني بصراحة لا أذكر أياً من ذلك…”
وقد أحبتها الكاميرا على الفور. “كنت أعشق مشاهدة برنامج تايرا بانكس الشهير America’s Next Top Model، لكنني لم أرغب أبداً أن أصبح عارضة أزياء محترفة وجاءت الفرصة لأعمل مع Tommy Hilfiger، ثم Maybelline، حتى وصلت بهذه الطريقة إلى الظهور بفيديو كليب غنائي عام 2017. وحينها، لفتُّ نظر مخرج كان يبحث عن وجه جديد؛ ممثلة”
وسرعان ما أصبحت سلمى ذات الثلاثين عاماً تُعرف كممثلة سينمائية وتليفزيونية. ماذا تفضل سلمى؟ “بصراحة، أحب الاثنين.
فقد تعرَّف أغلب الناس علي من خلال البرامج التلفزيونية، لكن تظل الأفلام للتاريخ بالطبع، فهي لا تُنسى. نادراً ما يعود الناس لتكرار مسلسل شاهدوه بالفعل، لا يحدث ذلك إلا في حالات قليلة، مثل Friends على سبيل المثال. لكن الأفلام تبقى وتنتقل إلى أرشيف السينما. أحب دائماً المشاركة في صناعة المزيد من الأفلام.”
“أؤمن بأنه يجب علينا التركيز على المواهب المحلية التي نمتلكها، حيث إن النجوم العالميين يحظون بالكثير من الأضواء بالفعل.” سلمى أبو ضيف في عدد هاربرز بازار قطر لشتاء 2023
الفخر بالوطن
كل ما تقوم به سلمى ينبع من الوطنية. وحين تم سؤالها عن أكثر من ينال إعجابها في هذا المجال على المستوى العالمي، سرعان ما عادت المحادثة مرة أخرى إلى الشرق الأوسط، مؤكدة: “أؤمن بأنه يجب علينا التركيز على المواهب المحلية التي نمتلكها، حيث يحظى النجوم العالميون بالكثير من الأضواء بالفعل.”
وتتابع بشغف: “أود التحدث عما نملك من مواهب، لأنهم حقاً بارعون، سواءً كانوا مطربين أو ممثلين أو شعراء أو مهندسين معماريين. فقد شَهِد العصر الذهبي أبرز وأشهر كبار الممثلين، مثل سعاد حسني وأحمد رمزي وفاتن حمامة وصلاح ذو الفقار. ومن المغنيين عبد الحليم حافظ ووردة وفيروز… وغيرهم الكثير من العظماء.
“ومن الأجيال الحديثة، تعجبني منى ذكي حقاً، إنها رائعة. وعملت مع هند صبري، وهي امرأة ذكية للغاية، ومع الموهوبة جداً منة شلبي، وكريم عبد العزيز، الذي اتضح أنه ليس مجرد فنان مدهش فحسب، بل هو إنسان رائع أيضاً”.
“قام الكثير من زملائي بدعمي بكافة الطرق، لذلك لا أستطيع تفضيل واحد منهم فقط، لكن كمرشد لي، ساعدني خالد النبوي بنصائح تقنية. وبصراحة، في الوقت الذي كنت أشعر فيه بالخوف الشديد منه، طمأنني وأمدني بالثقة التي ساعدتني للنجاح.”
“أطلعتني أيضاً غادة عبد الرازق على بعض من أساليبها، ولا يفعل الكثيرون ذلك. أحببت العمل معها كثيراً. تشاركنا في عملين معاً، بما فيهما “تحت الحزام”. وعملني ظافر العابدين كيف أساعد الآخرين، فهو يبذل دائماً كل ما في وسعه في المشهد وداخل موقع التصوير. وأثناء تصوير المداح، تعلمت الكثير من حمادة هلال، إنه من أكثر البشر تواضعاً ولطفاً مع الجميع. هي عملية تعلم مستمرة بالنسبة لي”.
الخروج عن المألوف
مع اقتراب شهر رمضان لهذا العام، يتساءل الجميع عن المفاجأة التي ستفجرها سلمى. فمن راجعين يا هوا إلى المداح، لا تزال تربك النقاد من خلال استغلال الفرص والتنوع في أدوارها. فمنذ أدائها الأول في حلاوة الدنيا، أصبحت على رادارات الوسط الفني والمعجبين – كنجمة تستحق المشاهدة.
“وكانت تلك أول تجربة لي في التمثيل. بدأ الناس يلاحظونني كممثلة. وبعد ذلك كان “منعطف خطر” المأخوذ عن The Killer من إنتاج Netflix، والذي يحكي عن وفاة غامضة لأحد مؤثري TikTok. والذي أظهر للناس أنني أستطيع أن أتلون بدور جديد. غيرت جلدي بالكامل، وبدأ الناس يشاهدونني في أدوار الرعب، وأثناء التحدث بلهجات مختلفة. بالنسبة لي، كان المداح هو أكثر مكان استمتعت فيه، لكنه كان الأكثر تحدياً أيضاً. فقد أغرمت بالمكان واللهجة المصرية الجنوبية، التي ما زالت تطاردني. أحياناً أجد أن لهجتي تتغيير – مع أنه قد مر عام على انتهاء المشروع – لا أزال أجد لهجتي تتغير لأنني وقعت في حب الناس.”
هل هناك أي جانب من جوانب صناعة السينما لم تستكشفه سلمى بالكامل بعد؟ فأجابت على الفور: “بعضاً من الكوميديا”. “لكنني الآن أعمل على فيلم كوميديا سوداء، وهو نوعي المفضل للمشاهدة”. وتابعت قائلة: “ربما أستطيع العمل في بعض أفلام الحركة أيضاً. لم يسبق لي تجربة أفلام الحركة والإثارة. أريد أن أجرب كل شيء ولا أحصر نفسي في دور أو نوع معين. ليس من الجيد أن ينحصر الممثل في قالب واحد ويلعب الدور نفسه مراراً وتكراراً. سيكون الأمر مملاً لي ولك أيضاً كمشاهد.
وعلى الرغم من إقدامها على تنفيذ أية مشاريع جديدة، تعترف سلمى أنها تضع قناع الشجاعة؛ “عندما ألتزم بمشروع جديد، ينتابني ذلك الشعور كأنني أذهب لليوم الأول إلى المدرسة أو كأن لدي امتحان، حتى أبدئه وأدخل فيه. ثم تجد أنك تتعرف على شخصيتك أكثر يوماً بعد يوم. أصبح محمد مشيش، وهو منتج برنامجي التلفزيوني الأول، بمثابة الأب الروحي بالنسبة لي الآن. فهو دائماً ما يشجعني ويمنحني الفرص لتجربة أشياء جديدة”.
“أتريدني أن أقول الحقيقة؟ لا، لم يتم الترحيب بي على الإطلاق… لا يرحب الناس بأي شيء مختلف. كان علي أن أثبت نفسي” سلمى أبو ضيف في عدد هاربرز بازار قطر لشتاء 2023
التفكير النقدي
أجابت سلمى بصراحة حين سئلت إذا تم دعمها عندما دخلت إلى ساحة السينما لأول مرة: “أتريدني أن أقول الحقيقة؟ لا، لم يتم الترحيب بي على الإطلاق.” أنا وكل الممثلات الأخريات من خلفيات مختلفة، واللاتي لم يدرسن في معهد السينما، لم نكن موضع ترحيب. لا يرحب الناس بأي شيء مختلف. لذا في البداية، لم يرحبوا بي. قد يعتقد البعض أن طريقي كان سهلاً، لكن كان عليّ أن أثبت نفسي”.
يبدو أن المفاهيم الخاطئة المنتشرة في الغرب حول عارضات الأزياء اللاتي تحولن إلى ممثلات لا تزال موجودة في الشرق الأوسط. «أنا لا أفهم هذا التصور؛ كيف يمكن أن يكون طريقي سهل إذا كنت أعمل كعارضة أزياء بجهد كبير لبضع سنوات – سواء كان مشروعاً جيداً أو سيئاً – حتى أصل إلى ما أنا عليه الآن؟ لم يكن هناك من يدعمني. لا شيء سوى موهبتي.”
“في البداية، كان سماع كل ذلك محبط جداً، سواء من المعجبين أو من زملائي في الصناعة. تستطيع قراءة ذلك في نظراتهم. لذا كنت بحاجة إلى العمل على نفسي والاستماع إلى النقد البناء.
عندما بدأت العمل في التمثيل، لم تكن لدي أية خبرة، واحتجت للعمل على عدة أشياء، بدايةً من الصوتيات والنطق إلى معرفة أصول التمثيل. وهكذا، تبين لي أن ذلك النقد لم يضرني، بالعكس. وكان سبباً في زيادة رغبتي للمعرفة. وفي النهاية، كان الأمر يتعلق بإثبات شيء ما لنفسي – وليس للآخرين – لأن محبة الناس متقلبة وليست دائمة.
لكن هل ساعدت حقاً هذه التجربة في جعلها أقوى؟
منذ بضعة سنوات، اعتدت أن أسمع كلاً من النقد والثناء. ولكن أحياناً عند سماع الثناء، يتغير شيئاً داخل الإنسان. فتشعر أنه يغذي غرورك. وهكذا، يمكنك أن تشعر بقدر من الرضا عن النفس، مما يوقعك في فخ التخاذل. يخيفني ذلك. لا أريد أن أتكاسل، لذا أحاول منع نفسي من معرفة ردود الأفعال بشكل عام.
ويمكن للنقد أن يكون بناء، حيث يُوَجه بالطريقة الصحيحة. أحب سماع تعليقات أصدقائي، أعلم أنهم سيكونون صادقين معي، ويقدمون لي النصائح بحب. لدي زملاء أيضاً وأهتم حقاً برأيهم. فإنه يمنحني بعض التوجيه.”
وجه للمستقبل
كانت الماركات العالمية الفاخرة هي أول من أدرك ما تستطيع سلمى تقديمه، ولهذا بدأوا تعاونهم على الفور. وعلى الرغم من أنها “تحب الملابس الأنيقة والعروض والسجادة الحمراء”، فإن سلمى تدرك أيضاً الأهمية الحالية للشرق الأوسط بالنسبة للماركات العالمية للتركيز عليه.
“لطالما كان الممثلون هم أوجه العلامات التجارية على المستوى العالمي. ولكن الآن، ومع اتساع حجم المنطقة وازدياد شهرة مواهبنا، نحتاج إلى وجوه لتمثيل هذه العلامات التجارية.
وعلى الرغم من أننا اعتدنا على رؤيتها وهي تسرق الأضواء بكامل أناقتها، علقت وهي تبتسم بسخرية “أفضل ارتداء ملابس مريحة معظم الأيام”، ثم أشارت إلى البنطال الرياضي الأسود والسترة البيضاء التي كانت ترتديهم مباشرة بعد التصوير. “من الجيد ارتداء الفساتين من ماركات جميلة والظهور على السجادة الحمراء للدعاية فهذا جزء من عملنا”.
هناك آداة تعد الأهم لدى الممثل في الوقت الحالي، وهي وسائل التواصل الاجتماعي. ليست لدى سلمى أية مخاوف بشأن هذا الأمر، حيث تستخدم إنستاغرام كمعرض خاص لها، تشارك فيه مشاريعها الحالية. حتى أن معظم المخرجين اكتشفوها من خلال تلك المنصة. “أفضل التعامل مع الأمر بنفسي لأني أحب وسائل التواصل الاجتماعي. فهي تعتبر بحر مفتوح للجميع دون حدود، ويستطيع الناس من خلاله قول ما يريدون بحرية”.
“أعتقد أن كل شيء يتغير الآن. يثق الناس بجيلنا أكثر؛ ونمتلك صوتاً ولدينا ما نود قوله. نحن فقط حاجة إلى التركيز على ما نتحدث به عن أنفسنا، لكي يتم تمثيلنا كما ينبغي. وهو ما يخدم إمكاناتنا ومواهبنا. لقد بدأ الجميع يلاحظون بالفعل ضرورة أن تكون لمنطقتنا العربية رواية واحدة. تُظهر اهتمامنا وحبنا لبعضنا البعض، مثل عائلة كبيرة، وإن كانت لدينا جنسيات مختلفة، أو لغات مختلفة، أو لهجات مختلفة. لكن في نهاية الأمر، يجب أن تكون روايتنا واحدة. وأعتقد أننا نتحرك نحو ذلك.”
“لا تتخذ الكثير من المؤسسات الإعلامية الكبرى من الشرق الأوسط مقراً لها، لذا، تشكل عنا وجهة نظر مختلفة تماماً وتتعامل بناءً على ذلك. لكن المشكلة في وسائل التواصل الاجتماعي هي أن كل شخص لديه كاميرته الصغيرة الخاصة. “لطالما تساءل الناس عن إيجابيات وسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي، وكان معظمنا يرى السلبيات. ولكن الآن، أصبحت الإيجابيات واضحة”، عقبت الرحالة التي تعتقد أن الميزة الأكبر في وظيفتها هي القدرة على السفر والترحال. لدى سلمى قائمة أمنيات خاصة بالسفر، وعلى رأسها خطة لرؤية الغوريلا في أوغندا. “يمكننا أن نخبر العالم عنا، ويمكنهم رؤيتنا والسماع عنا بأعمالنا الخاصة. أشعر أن هناك تغييراً يحدث الآن، وآمل أن نراه قريباً جداً على أرض الواقع”.
الفصل التالي
تستمر حياة سلمى أبو ضيف المهنية في النجاح والازدهار، وعندما تُسأل عما تحمل للمستقبل، تعرض عدداً من الأفلام التي تبهر المعجبين أكثر بمهاراتها التمثيلية. في الحقيقة، انطلقت سلمى من جلسة تصوير الغلاف مباشرة إلى المطار لتستعد لبدء تصوير فيلم درامي مثير في صباح اليوم التالي. من المؤكد أن قائمتها التي لا تكف عن تحديثها ستعزز مكانتها في صناعة السينما؛ من فيلم تشويق مع ضياء الشربيني وإياد ناصر، إلى “بين السطور” مع صبا مبارك وأحمد فهمي، بالإضافة إلى “أنف وثلاثة عيون” مع ظافر العابدين، و”لماذا نعيش وحدنا مع خالد الصاوي” يقول ذلك الكثير.
كما أنها متحمسة جداً لفيلم كريم شعبان القصير “لا أهتم إذا انهار العالم” والذي سيعرض في دائرة المهرجان حول العمل ذاته، ومسلسل “زينهم” مع أحمد داود.
نظراً لأن مصر معروفة بتراثها السينمائي، فهل سبق والتقت سلمى بأي من أكبر وألمع الأسماء في البلاد؟
“أجل”. أجابت بحماس. “لقد كنت محظوظة كفاية لمقابلة عمر الشريف قبل وفاته”. وتذكرت قائلة: “كنت قد كتبت على صفحتي على الفيسبوك: “أمنية عيد ميلادي هي مقابلة عمر الشريف”، وبعد شهرين كنت في الجونة في إجازة، وشاهدت الفندق يضع ملصقات له. سمعت أنه كان في المنتجع، لكن لم أتمكن من العثور عليه. فاستسلمت في النهاية، وتوجهت إلى غرفتي حاملة أمتعتي بحزن، وفجأة وجدته أمامي مباشرة! كان يفتح لي الباب. فقلت له: ‘أنا أحبك كثيراً’. وقد تحقق حلمي بمقابلتك”
رئيس التحرير: أوليفيا فيليبس. الموهبة: سلمى أبو ضيف. شعر: دينا العويد. مكياج: إيرينا كوزمينا. منتج أول: ستيف هوكر. مساعد الإضاءة: ياسر علي. إدارة الموهبة: HU Management. مصمم مساعد: إيكاترينا بلوتنيكوفا
من عدد هاربرز بازار قطر لشتاء 2023